حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان

تقــدم محمد أعظم الموكب وهو في حالة نفســية متوترة: ماذا لو رأى والــدي هــذا اليوم؟ ماذا لو علم والــدي أن دمه لم يذهب هدرا؟ كيف لو علم أن الفرنســيين الذي خرجوا من ديارهم البعيدة وأتوا إليه ليقتلوه في قريته لم يحققوا أي شيء؟ ها هم المجاهدون يعودون تحت بصر العالم إلى قصر الرئاسة! ها هو ابنك يوزع المقاتلين على سفارات الناتــو ليؤمنوها لهم بعد عجزهم عن تأمينها! مرت ســاعات من العمل المرهــق، والتوزيع المحكَم للمقاتلين على مقرات الســفارات والهيئات الدولية واألسواق ومؤسسات الدولة. في الســاعات المتأخرة من المساء جلس محمد يتأمل الصور التي ظهرت على كل تلفاز نقال عن قناة الجزيرة. كان جالسا في مقهى تتربع في ركنه شاشة تلفزيونية كبيرة. كان تلفزيون «طلوع نيوز» المحلية ينقل صورا مباشــرة من القصر الرئاســي نقال عن قناة الجزيرة. ظهر مراســل الجزيرة األفغاني محمد حميد الله شاه على الشاشة رفقة قادة من طالبان وهم يدخلون القصر الرئاسي آمنين! عدة رجال مســلحين طوال اللُّحى معتجرين بالعمائم، والمراســل بينهــم يتحدث بعربيــة ال يفهمها محمد جيدا، لكن الصورة كافية. كانوا يتقدمــون إلى داخل القصر. الحظ في الصورة وجود رجل حليق يلبس مالبس غربية بينهم. كان الرجل الحليق أحد مســاعدي الرئيس الهارب أشرف غني. قال ببشتونية واضحة: - جئت ألسلمكم مفاتيح القصر. تحركت الكاميرا داخل القصر. أشار المراسل إلى المجلس األنيق المنضّد في طرف الصالة الواسعة: هناك كان يجلس الرئيس الستقبال الضيوف األجانب.

106

Made with FlippingBook Online newsletter