حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان

كانــت صديقة تتحدث بحرقة عن خوفها من طالبان. تضيّق عينيها حتى يُخيل إلي أن الدموع قد تنزل، ثم تشــرح مخاوفها من طردهم لها من عملها، ومن أن يعاملوها كما عاملوا أمها من قبل. قاطعتها: - ماذا فعلوا بأمك من قبل؟ - قبل والدتي كانت أمي تســير في أحد الشــوارع بكابل فأوقفتها ســيارة شــرطتهم. سألوها لم ال تغطين وجهك وأقدامك؟ كانت أمي ال تفهم البشــتونية وهم ال يفهمون الفارســية. وفي النهاية غضبوا وعنفوها وهددوها بالعقاب إذا عادت للمشي دون نقاب. كانت صديقة مسترسلة في حديثها بينما هجمت علي أسئلة يسألها أي صحفي مهما كانت عالقته بموضوع عمله: هل كل هذا الخوف من طالبان مبرر؟ أم هو الضخ اإلعالمي الذي وقفت وراءه أقوى قوة إعالمية في التاريخ؟ وتذكرت أثناء حديث صديقة أن مجموعة من زعماء طالبان أكــدوا مرات كثيرة أنهم يرحبون بعمل النســاء وأنــه ال خوف عليهن. وقارنت ذلك في ذهني بسجن الصحفيين والصحفيات في مصر وسوريا والتضييق عليهم، دون أي اهتمام من اإلعالم الغربي بمآسيهم؛ فهل في األمر مبالغة غربية بسبب موقف الغربيين من حركة طالبان التي صمدت لقراعهم ولم تتركهم يستقرون في بلدها؟ أعــدت نظري إلى عيني صديقة. فتاة حالمة تفتح عينها على الدنيا هذه السنوات فقط. فقبل ثالث سنوات فقط كانت قاصرة. ثم إنها تربّت طيلة حياتها تحت حكم الحكومة التي نصبها األمريكيون، وكانت تستمد شرعيتها من هجاء طالبان ونزع الشرعية عنهم.

113

Made with FlippingBook Online newsletter