-كيف؟ - خالل الســنة الماضية كنــت أقدم المحاضــرات وأعلّم بعض المجاهديــن المصطلحات اإلنكليزية التي يحتاجونها لمعرفة األســلحة مثال. كما أشــرح لهم خرائط المدن التي قد يدخلونها لمهمات جهادية، وأقدم محاضرة ثابتة عن تعاسة الديمقراطية وبؤس الليبرالية. أفقت على عبارته األخيرة «تعاسة الديمقراطية»؟ رفعت بصري عن الجهاز، وتأملت الشاي األخضر المنصوب على الطاولة، أخذت حَسوة منه وقلت بهدوء متصنَّع: - كيف؟ ما موضوع المحاضرة التي تقدمها للمقاتلين؟ - تعاسة الديمقراطية وبؤس الليبرالية! ذهب ذهني بعيدا؛ فهذه أول مرة أجالس فيها شابا من التيار اإلسالمي يقدح في المبدأ الديمقراطي. فأنا من جيل عايش موجة تزعّم اإلسالميين الدعوة للمبادئ الديمقراطية، فمعظم خطاباتهم تتمحور حولها، وأشــهر كتبهــم تؤصل لها باعتبارها فرعا من فروع الشــورى اإلســ مية. وهم موجودون داخل الزنزانات، ومشــردون في المنافي دفاعا عنها. صدمني حديــث محمــد، وال أدري لم حضرت في ذهني دفعة واحدة صور كل من راشــد الغنوشي ومحمد مرسي. صمت قليال محاوال إخفاء العجب من حديثه عن الديمقراطية؛ فقال األستاذ حمزة حكيمي: - أال تتناول الشمام؟ شكرته ومددت يدي وتناولت منه فوجدت طعمه كأنه مغموس في العسل، فقلت ومخارج حروفي مشوشة بسبب المضغ: - هل فيه عسل؟
126
Made with FlippingBook Online newsletter