عيونهــن تلمع تحت البراقع المخرمــة، ونغمات ضحكاتهن تصل أذني بوضوح. خطر لي أنهن غير معنيات بأخبار الخوف التي تنهشنا. كيف اســتطاع األفغان التعايش مع الرصاص واالنفجارات كل هذا الزمن؟ كأن حرب األربعين عاما علمتهم فن االستظالل بالرصاص وهم يكتبون الرسائل الغرامية، ويقرضون الشعر! فكل مظاهر الشارع ال تشي بأن خطرا أمنيا يهدد هذه المدينة التي لم تعرف هدوءا منذ دخلها الغزاة م. 1979 السوفيات في ديسمبر/ كانون األول عام الحظت أننا على بعد أمتار من إحدى بوابات المطار فقلت لحميد: - إلى أين تأخذنا؟ - سنمر من أمام البوابة الشرقية سريعا. ملت على حميد ولكزته بمرفقي: - يــا رجل! لــم تأخذنا إلــى البوابات؟ االنفجار مؤكد حســب االستخبارات األمريكية. حرك حميد رأسه أفقيا، وقال بهدوئه الذي ال يفارقه: - أخوك لن يأخذك إلى الخطر. مرت دقائق ثم لمحت بوابة المطار الشرقية العسكرية. مررنا أمامها فلمحــت جنودا أمريكيين ومئات األفغان الزاحفين في الطوابير محاولين الدخول؛ فتســاءلت: كأنهم غير معنيين بالتهديدات؟ تجاوزنا البوابة وأنا أشــعر بتوتر وخوف! مــاذا لو وقع االنفجار أو االشــتباك اآلن؟ مرت لحظات كثيفة وتاج غل يسوق وسط الضوضاء والزحام صامتا.
132
Made with FlippingBook Online newsletter