وجدنا المطار وقد تحوّل إلى معسكر للجنود تحت الظالم المخيم. تلفت فلم أر إال جنديا ال يكاد يبدو شيء من جسده؛ بزة عسكرية خشنة، وأســلحة كثيرة متعلقة بأطراف جسمه ال تشكل البندقية إال واحدة منها. ســرنا تحت عيونهم بترقب. كأن كل خطوة نخطوها تشــكل خطرا على شــخص ما لشــدة االحتياطات األمنية. كأن كل قدم تقع على األرض حدث يســتفز مســلحا ما. عادت بي الذاكرة أربع سنوات، إلى أكتوبر/ ، يوم نزلت هنا في مطار حامد كرزاي الدولي 2017 تشرين األول عام وتقدمت مع مئات الركاب العاديين جهة موظف الجوازات. ال شيء من كل ذلك اآلن. تقدمنا بين جدران المطار الســميكة متجهين إلى بوابة الخروج. ما إن اقتربنا منها حتى نهرنا جندي أمريكي: إلى أين؟ مستغربا كيف يكون آالف الناس متكدسين أمام البوابات حالمين بدخول المطار ونحن نخرج طائعيــن منه! أجبناه: نريد أن نخرج.. نحن صحفيون. قال جندي ألحد الزمالء: كنت أظن الجنون مقتصرا على العســكريين، أما اآلن فأعترف بأن الصحفيين أجن منا! شعرت بالضيق من كالم الجندي ألنه أيقظ في تالفيف ذاكرتي أبيات ؛ فكأن ((( م) عن زيارته لخراســان 808 هـ/ 192 العباس بن األحنف (ت سوء الحظ) قد أصابت من ينزل في مطار =( الجندي يرى أن عين الزمان كابــل والناس عنه راحلــون. تجاوزت الجندي مُقلِّبا بصري في الحيطان الطويلة والجنود المنتشرين في كل ركن، متمتما بأبيات ابن األحنف: تطلق خراسان تاريخيا -بحدودها الواسعة المسماة «خراسان العليا»- على ((( معظم أفغانستان وتركمانستان وأوزبكستان وقرغيزستان، وجميع طاجيكستان، وشرقي إيران.
14
Made with FlippingBook Online newsletter