ال نعتــرف باألمم المتحــدة»! وهذا يدلك على الحالة الحالمة التي كان القوم يسبحون فيها حينئذ. أما اليوم فلهم كوادر عايشت الناسَ، وخالطت الساســةَ، وفاوضت األمريكيين ســنوات، ويفهمون أنهم ال يســتطيعون االستغناء عن العالم. - وهل ثمة جوانب سلبية رصدتها في سلوكهم؟ تراجع حمزة في كرسيه وقال بنبرة مرتفعة: - كثير! أوال، ال بد أن نتذكر وجود خالفات فكرية داخل الحركة؛ هناك أطراف متشددة في بعض القضايا. فثمة مثال عناصر ما زالت ترفض تعليم النســاء، وكيف يمكنك أن تبني مجتمعا طبيعيا بنســاء جاهالت؟ وهنــاك خالفات حــول طبيعة العالقة بالجماعــات المصنفة غربيا بأنها إرهابية كتنظيم القاعدة. فشــبكة حقاني مثال تحتفظ ببعض التقارب مع القاعدة، وهكذا. ثم إن العامل الجامع بين كل هذه األطراف كان محاولة إخراج األمريكيين من هذه البالد ومعارضة حكومة كابل، وقد زال هذا العامل؛ فكيف يمكنهم اليوم إيجاد عامل موحِّد؟ مــا إن أنهــى حمزة فكرته حتى وصل النادل. وضع طبقا تفوح منه رائحة اللحم الطري الممزوج بالبهارات، فالحظت أن قطعة اللحم التي وضعها بين يدي من رقبة الضأن. ابتسم حمزة: - هذه وجبة تدعى «كباب كردن ب برنج»، وكردن بالفارسي -كما تعلــم- هــي الرقبة، وبرنج هو األرز. وهذه وجبــة هروية صرفة. وهذا المطعم يطبخها طبخا جيدا، وليتك تأتي إلى هراة لتتذوقها في البيوت. كان حمزة منطلقا يصف طبيعة الوجبة في مدينته هراة، متحدثا عن نمط الطعام وطريقة تحضيره والثقافة الهروية العميقة الكامنة وراءه. لكن ذهني شــرد عائدا لطبيعة طالبان ووجهها الجديد، وقصة مفاوضاتها مع األمريكيين على الضفاف الغربية للخليج.
154
Made with FlippingBook Online newsletter