من الفكرة الدينية لترطيب العصبية القبلية وتهذيب شعثها وتوجيهها جهة اإلبداع والخلق. ولذلك عنون الفصل الســابع والعشــرين من مقدمته ب: «في أن العــرب ال يحصل لهــم الملك إال بصبغة دينية من نبوة أو والية أو أثر وبيّن بعد ذلك أن األمر ال يقتصر على العرب بل ( (( عظيــم مــن الدين»! يشــمل من في معناهم من القبائل المســلمة كالقبائــل الكردية والتركية والبربريــة وغيرها، فـ»هــؤالء مثل العرب وزناتة ومــن في معناهم من . ( (( األكراد والتركمان» فالفكــرة الدينية ضرورية للعصبية القبلية، لتهذّبها وتشــذّبها وتكبح عنفوانَها المعيق لالجتماع السياسي. فالبيئات المحكومة بالمنطق القبلي تفشــل دوما في االتفاق على أي مشــروع سياسي بسبب التنافر الطبيعي بين األفخاذ والفصائل وأبناء العمومة. لكن هذه القاعدة تنخزم إذا أُدخل عنصر الدين؛ ألنه إن حصل ذلك «كان الوازع لهم من أنفسهم، وذهب . ( (( خُلُق الكِبْر والمنافسة منهم، فسهُل انقيادُهم واجتماعهم» فــأي دعوة سياســية تحاول النجاح في بيئــة مثل األرض األفغانية مكتوب لها الفشــل مقدَّما ما لم تتدثر بدثار قشــيب من الدين المالمس لشغاف القلوب. وهذا ما يفسر كون كل القادة السياسيين (حتى الشيوعي
.181 / 1 ديوان المبتدأ والخبر، ابن خلدون، ((( .181 / 1 ديوان المبتدأ والخبر، ابن خلدون، ((( نفس المصدر أعاله. (((
170
Made with FlippingBook Online newsletter