حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان

أزحت المعطف وعلقته وقلت مستفسرا: - أي حالة؟ - هــذه أول مــرة أقود فيها فريقا من المضيفين على متن طائرة ال تحمل إال راكبا واحدا. أدرت ناظري في ممرات الطائرة القطرية الخالية: - وأنا في هذه المهنة منذ ثالثة عشر عاما ولم أركب طائرة وحدي قط، رغم أني وصلت إلى القطب الجنوبي وأخيه الشمالي. ضحك الشاب النحيف األسمر مبتعدا، بينما تحركت الطائرة مقلعة. أرســلت بصــري مع النافذة متأمال األفــق المتحرك. لمحت جبال أفغانستان، جرداءَ، حادة األطراف كأنها مقاوم أفغاني يتربص بعدو غازٍ. تلك الصخور الراســخة التي ال تخلو ســفوحها من كــر وفر بين غُزاة وحُماة. يذهب الغزاة ويبقى الحماة صخورا مغروسة في الطين األفغاني العتيــق. مددت يدي وأغلقت النافذة مســتغربا لم قفز بيت المتنبي (ت م) إلى ذهني: 965 هـ/ 354ْ أنا صخرة الوادي إذا ما زُوحِمت وإذا نطقــت فإننــي الجَوْزاءُ! ارتفعت الطائرة إلى مداها، فأزلت حزام األمان وأخرجت محمولي وفتحتــه عن كتاب في تاريخ أفغانســتان. خُيل إلي وأنا أقرأ الكتاب أنه يتحدث عن األحداث التي عايشت قبل أيام. أطبقتُه وفكرة واحدة تثقل ذهني. لم ينجح األفغان دوما في طرد الغزاة، ثم يفشــلون بعد في إقامة دولــة العدل واالتفاق؟ ينجحــون نجاحا باهرا في إبطال الباطل، لكنهم يكبون حين يصلون إلحقاق الحق. فهل ســتكون هذه المرة اســتثناء؟ أم إن التاريخ ال يمل من تَكرار عاداته.

174

Made with FlippingBook Online newsletter