هل هذه هي أفغانســتان القادمة؟ بالد يقوم أمرها على تعاون أمني بين عدويْن سابقين، تعاون براغماتي مع احتقار وتوجس متبادلين. زواج متباغضين أجبرتهما السنين على تقاسم سقف واحد دون ذرة من حب، أو خفقة من قلب؟ أعــدت النظر في الصورة الجاثمة أمامي؛ آالف الجنود األمريكيين الذيــن أرهقهــم التعب وأضناهم العمل المتواصل والتنظيم المســتحيل محاولين الخروج من أفغانســتان بأقل خسائر. شبان صغار، من واليات أمريكيــة متفرقة نأت بهم الدار، وقذفهم الطموح اإلمبراطوري إلى هذه البيئة الطاردة. أيــن الدقة األمريكية المشــهورة والتنظيم والعمــل المتقن المنظم المنجَــز في إبَّانه؟ كيف تأخروا في كل شــيء حتــى وقع هذا؟ هؤالء جنودهم معرضون للقتل، مرهقون مغبرّون عالقون بين أكوام القمامة ال يســتطيعون حَراكا. ما الذي جعل أقوى قوة مادية وعســكرية على وجه األرض ترحل هذا الرحيل المهين، هذا الرحيل المتعجل.. رحيل اللص الذي فاجأه رب البيت فأعجله عن كل شيء! 2001 اســتيقظت في ذهني صورة السابع من أكتوبر/تشرين األول يوم كنت وســط الغرب األمريكي منصتا لخطــاب بوش معلنا بدأ غزو أفغانســتان. ما زلت أذكر إطالالته في بزته الســوداء وربطة عنقه العنابية وهو يتحدث بحسم، بينما تظهر السيارات عابرة وراء النافذة التي يجلس قربها. تحدث بوش حديثا حاسما وأنصتت له الواليات المتحدة والعالم المرتجف من ورائها. أعلن بدأ قصف أفغانســتان، ثم ختم مهددا: «لن We will not waver, we will نتردد، ولن نتعثر، ولن نتعب، ولن نفشل» ( .) not tire, we will not falter, and we will not fail
22
Made with FlippingBook Online newsletter