كانت األســئلة كثيرة ومتعددة ومن الجميع. كأنهم يريدون إرباكي. ثم لمحت شــنطتي -التي فُتشــت من قبل تفتيشــا دقيقا- يعكف عليها آخرون. أفقت من األسئلة المتتالية وقلت: هذه بطاقة صاحبكم.. سبق أن حققتم معي وأعطيتموني هذه الورقة. يمكن أن تتصلوا بهم لتتأكدوا من أنهم ســألوا كل األســئلة. ليس عندي ما يفيدكم. اختطفت السيدة الورقة من يدي ووضعت الرقم وابتعدت متحدثة. كنت قلقا من أن الرحلة ستفوتني. لكن كبيرهم عاد فأخذوني وأدخلوني إلى الطائرة، وطلبوا مني أال أتحرك بداخلها حتى ال أخيف الركاب. كنت عطشان جدا. التفت إلى المضيفة التي تجهز الطائرة: - لطفا، أعطيني ماء! رمقتني وقالت: - ال، لن أعطيك ماء. تكوّمــت داخل مقعدي متحســرا حزينا مفكرا فــي طبيعة الجنون الجماعــي الذي مس هذه األمة العظيمة! ما هذا الداء الذي أصاب هذه األمة التي ما كانت هكذا قبل خمسين يوما؟ أفقت من ذكريات الحادي عشــر من ســبتمبر/أيلول وأنا ما زلت متســمّرا أمــام بوابات مطــار كابل. فكرت في أن معظم هؤالء الشــبان األمريكييــن الماريــن أمامي لم يكونوا قد وُلــودا يومها، أو كانوا رُضّعا حينهــا. فما الذي جنت الواليــات المتحدة من غزوها لهذه البالد؟ وما الذي يجعل هذه الديار قبلة للغزاة في كل عصر؟
32
Made with FlippingBook Online newsletter