حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان

البردة النبوية

كان قاري شــوالي جالســا على كرســيه في المسجد القديم وسط قندهار. جلس شوالي عند مدخل المسجد حارسا ذلك السر الذي ورث حراســته عن أجداده منذ أكثر من مائتين وخمســين عاما، وفجأة الحظ دخــول ضيف غريب إلى المســجد. تأمل قاري الرجل الطويل النحيف يمشــي هادئا ال ( (( الــذي يتقــدم جهته. كان الرجل المُمَتَّع بإحدى عينيه يكاد يطأ الثرى مهابة. ردد شــوالي بصره في الرجل القادم ثم تأكد أنه -دون شــك- زعيم حركة طالبان المال محمد عمر فتلقاه مرحبا. وقف المال عمر، وصمت ثواني قبل أن يتكلم -على عادته المعروفة- ثم قال بنبرة خافتة: - لقد اغتسلت وتعطرت ولبست مالبس جديدة فأتمنى أن تسمح لي برؤية العباءة النبوية الشريفة. امتقع لون شوالي؛ فهذه أول مرة يُطلب فيها إخراج البردة منذ ستين عاما. غمغم شوالي ثم قال: - لكني ومساعدَي لم نغتسل ولم نتعطر؛ فهال عدت وقتا آخر؟ اتفقا على موعد محدد لعودة المال عمر. وبعد أيام عاد رفقة رجاله، وما إن وصل حتى بدأت إجراءات فتح المزار. فحافظ المزار ال يفتح عن البردة إال رفقة مساعديْه االثنيْن؛ حسب األصول المتفق عليها منذ قرنين هذه هي العبارة المحببة في اللغة العربية لوصف من فقد إحدى عينيه، فهي تستخدم ((( أدبا بدل كلمة «أعور». أما العبارة المترجمة «ذي العين الواحدة» فتجنبناها لعجمتها.

66

Made with FlippingBook Online newsletter