حجر الأرض: صراع الغزاة والحماة في أفغانستان

حَجَر األرض: املال عمر

«إني جربت هذا الخراسانيَ، وعرفت ظاهره وباطنه؛ فوجدتُه حجر األرض»! زعيم الدعوة العباسية متحدثا عن قائدها العسكري أبي مسلم الخراساني

ليلة من ليالي 2001 كانت ليلة الرابع من ديسمبر/كانون األول عام قندهار الباردة. تقاطر الرجال الملتحون الملتفون في مالبسهم الفضفاضة وعمائهم الضخمة السوداء، فدخل كل منهم بسالحه ووضعه في حضنه، وجلسوا وسط الغرفة الواسعة المفروشة بالسجاد الملون. أسند كل منهم ظهره إلى الحائط منشــغال بتســريح لحيته بيده، أو التحديق المتوتّر في الهواء انتظارا لدخول «أمير المؤمنين». بعد دقائق من االنتظار والترقب؛ دخل الرجل الصموت ذو الحضور المهيب، فتقدم -في سكينة- إلى وسط المجلس وجلس واضعا سالحه في حضنه، ورفع وجهه في وجوه الحاضرين الذين يعرف جيدا ما يدور في أذهانهم. فمنذ الســابع من أكتوبر/تشرين األول والواليات المتحدة تقصف أفغانســتان ليل نهار، وقد بدأ نظام «اإلمارة اإلســ مية» ينهار، وتبــدو المقاومة أمرا عدميا عند كثير من القادة. لكن الرجال الحاضرين يعرفــون صالبة زعيمهم وقدرتــه الخارقة على العمل الهادئ في أحلك لحظات التوتر. بدأ الم عمر بحمد الله ثم قال: ماذا ترون؟ لم يجبه أحد!

69

Made with FlippingBook Online newsletter