بأمه. وكان الهاتف الوحيد الذي معه هاتف نوكيا صغير، دون شــريحة يسجل فيه القرآن بصوته ليستمع له أحيانا. ولعل الحادثة التالية التي ذكرها عبد الجبار تنم عن قدرة المال على التحكم في مشاعره. إذ يروي أنه كان جالسا معه صبيحة الثالث من مايو/ ، وكان جباري يســتمع إلذاعة «صوت أمريكا» بالفارسية 2011 أيار عام وهي تتحدث عن مقتل بن الدن. فسأله عمر الذي ال يتقن الفارسية: «لم يكررون اســم هذا الرجل»؟ فأخبره بأنهم يتحدثون عن قتله اليوم على أيدي األمريكيين في باكســتان. لكن المال عمر لم يعلق بحرف واحد، بل ظل صامتا كأنه لم يسمع خبرا! تنبئ هذه الحادثة عن قدرة هائلة على التحكم في المشاعر وامتالك النفــس في لحظات التضعضع والتزلــزل. ولعل العبارة التي وصف بها المؤرخون ثائرا آخر من ثوار خراسان تُذكّر بمزاج المال عمر وصالبته. فقد وُصف أبو مســلم الخراساني (مقيم دولة بني العباس) بأنه «كان ال يبتئس) في شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام فال =( يكاد يُقطّب يظهر عليه السرورُ، وتنزل به الفادحة الشديدة فال يُرى مكتئبا! وكان إذا . ويبدو أن مزاج هذا الرجل األفغاني الصلب ( (( غضب لم يستفزَّه الغضبُ» كان صدى لذلك المزاج الخراساني القديم. وهكذا تعاقبت الفصول على المال عمر في هذا الخُص المطل على ذلــك النهر الصغير الهادئ، كما تعاقب عليه كذلك تغيّر أمزجة األفغان ؛ 2006 ومواقفهــم من األمريكييــن وحكومة كرزاي. فابتــداء من عام هـ- 1427 ، (القاهرة: دار الحديث)، ، سير أعالم النبالء شمس الدين الذهبي ((( .220 ، 6 م، 2006
83
Made with FlippingBook Online newsletter