الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

الفصل الرابع الجودة فيخدمة المهنية

عبد الله الطحاوي

مقدمة بمدينة الدوحة وعلى بعد عدة كيلومترات شــمال مقر شــبكة " الدفنة " في منطقة الجزيــرة الإخباريــة، يوجد مبنى مكون من طابقين يعمل داخله فريق صحفي خاص، مهمته الأساســية مدّ الشــبكة بالبيانات النقدية الفورية، وعلى مدار الســاعة، لما تبثّه شاشاتها. ومع نهاية اليوم تُدوّن الملاحظات كافة في تقرير موسّع يشرح مكامن القوة والضعف التحريرية والفنية المرصودة خلال البث، ومدى تطابق التغطية والمعالجات مع قواعد مدونات السلوك المهني والقيمي التي اعتمدتها القناة وأعلنتها لجمهورها. تلك المجموعة تســمّى في شــبكة الجزيرة دائرة ضبط الجــودة، وهي المعنية عامًا على تأسيس 25 بضمان جودة العمل الإعلامي في قنوات الشبكة. وبمناسبة مرور الجزيرة، تبدو الفرصة مناسبة لتقديم هذا النموذج المتفرّد لمراقبة الجودة وقياسها في البيئة الإعلامية العربية. وما نقصد بحثه في هذا الفصل ليس مفهوم الجودة الإعلامية في معناه المجرد، بل منهج الجزيرة في سَنّ محددات هذا النظام، وطرائقها في تنزيله وتبيئتــه وتوطينــه في الإعلام العربي. هذه الخبــرة، التي تراكمت عبر عقدين ونصف العقد من التجربة المهنية لشــبكة الجزيرة، تمثل إضافة نوعية على المســتوى العربي، ولَبِنة مهمة تعزّز تجربة الإعلام العالمي على هذا الصعيد. وليــس هذا بالأمر الهيِن، فأكبر تحدّ يواجه الأفكار التي تصاغ على نحو مُحْكَم يكمُن في صيغتها التشــغيلية والمؤسســية، وفي القدرة على تحويلها من فكرة مجردة إلــى نظام عمل. وما تنشــده هذه الورقة هو عرض مختلــف المراحل التي مرّت بها تجربة الجزيرة في إرساء نظام لضبط الجودة، من التفكير والتحضير إلى التنزيل. كما تعرض الآليات التي تضمن ســريان هذا النظام عبر أوصال الشبكة بسلاسة وانضباط. فالقواعد الضمنية والفرضيات والنظم المعيارية لضمان الجودة، والتي تحيط بأي منتج

107

Made with FlippingBook Online newsletter