وقــد واجهت الجزيرة في البداية تحديًا شــبيهًا بتحديات الناقد الصحفي الذي عرفتــه كبرى الصحف العالمية، وهي حساســية الصحفيين من النقد والمراجعة حتى لو كان تحت شــعار الجودة. وكان لهذا التحدي الدور الأكبر في اختيار الأســلوب المتبع في صياغة تقارير وأبحاث دائرة الجودة بالشبكة، والتي اختارت اللغة الوصفية التي تقدم المخالفة في كثير من الأحيان باســمها إذا كانت واضحة وذات دلالة، مثل انقطــاع البــث أو خطأ في اللغة أو الصــوت. كما يجري، في إطار المنهج المتبع في عملية الجودة، استدعاء القيمة المعيارية الحاكمة ووضعها قبالة المخالفة. ولأن معظــم من يقدمــون التقارير من خبراء الجودة هــم صحفيون في المقام الأول، فإنهم يدركون صعوبة العمل الميداني والتحريري في غرف الأخبار، ومن هنا فالعديــد من تقويماتهم تنطلق مــن الوعي بذلك وبحجم الضغوط والقرارات الصعبة والمفاجــآت التــي تهز غرف الأخبار. فخبر عاجل واحد كفيل بتغيير جدول الأخبار، وقد تتولّد عنه بعض الملاحظات تحت عامل السرعة والمفاجأة. ويدرك أعضاء فريق الجودة أيضًا، أن زميلهم في قسم المقابلات قد استفرغ الوسع والجهد للحصول على ضيف يمثّل وجهة النظر الأخرى، ولكن حالت ظروف قاهرة دون مشــاركته، ســواء أكانت اعتذارًا أم ســببًا آخر. فأحد إشــكالات الجودة في التليفزيون هو المواءمة بين السرعة والحقيقة والمعايير المهنية. ورغم أن جهة مراقبة الجودة تقدر تلك الظروف، فإنهــا تــرى أن من واجبها أن تذكّر دائمًا بأنها عين المشــاهد التي لا تدرك كواليس المشكلة، وتظل تلتمس الجودة وتلحّ على تقديم الخدمة المميزة. وهنا، لا يمكن إهمال اللقاءات المباشرة والمستمرة بين خبراء الجودة والصحفيين والمحررين، والتي يجري خلالها الإنصات للإفادات العائدة من متلقّي تقارير الجودة. وقــد أفــادت تلك اللقاءات كثيرًا في تطوير طريقة إعداد التقارير وعرض المعلومات، إلى جانب توضيح الظروف والملابسات الخاصة ببعض الأخطاء. كما أفادت في تفهّم بعض الإشكالات التي قد تحول دون تلافي ملاحظات معينة، فضً عن الحوار حول أهمية وصول تلك التقارير إلى المعني بها. ويزداد الموضوع أهمية حينما تُكلّف دائرة الجودة بتغطية جزء محدد من عناصر العمل الصحفي، مثل تقويم تغطية معينة أو التنبيه لخطأ فني متكرر في الصوت أو الصورة، فهذا النمط من الممارسات يتعذر معه أحيانًا بناء رؤية صحيحة بشأنه دون لقاء مباشر.
114
Made with FlippingBook Online newsletter