الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

على الأوراق السابقة ودراستها والاستفادة منها. وبناء على ذلك، شرع الفريق في كتابة نصوص جديدة انطلاقًا من النصوص السائدة. وعبر جلسات مطوّلة استغرقت شهورًا، جرى إنضاج الكثير من النسخ التي كانت تُرسَل إلى إدارات قنوات الشبكة (الإخبارية والإنجليزية والوثائقية)، إضافة إلى القطاع الرقمي، من أجل دراستها والتعليق عليها. تجدر الإشارة أيضًا إلى سياق الاحتكاك بالتجارب الغربية. فقد زار فريق الخبراء عددًا من القنوات والمؤسســات الإعلامية العالمية والعربية، في المملكة المتحدة وفرنســا وألمانيا وهولندا واليابان والمغرب. وكانت تجربة الاحتكاك مثمرة، أفادت منها إدارة الجودة في الجزيرة كثيرًا، واكتسبت منها خبرات مهمة. يمكن القول إن أحد أســباب متانة معايير الجودة التي وقعت صياغتها وتدوينها فــي مجموعة من النصــوص، كونها، من الناحية الهيكليــة، نابعة من قاعدة الجماعة الصحفية، ولم تُفرض عليها من الأعلى. فمهمة المعيار، بدرجة أولى، تســهيل العمل الصحفي وتيسيره، لا إعاقته أو تعقيده. وليس المهم هو تحديد المعيار بل خلق التوافق حــول ضرورتــه وجدواه. فما يتعلق بتقدير وقــت التقرير الإخباري مث ً، وهل يكون دقيقتيــن أم دقيقتيــن ونصف الدقيقة، هذا مما لا يقــرره خبراء الجودة، والمرجع فيه هــو الجهة التحريرية. إنما يتمثل عمل الجودة، بالأســاس، في تدوين ما يتم الاتفاق عليــه، والتدخل بالحوار والاقتراح فيما يســتحق التدخل من أجل التوصل إلى نقطة سواء بين الجميع، ولإزالة التناقض بين ما هو قيمي وما هو تشغيلي، حتى تسهل بعد ذلك عملية المتابعة في ضوء المعايير التي تم تدوينها. لقد نجحت هذه التجربة رغم أن أصعب الوثائق هي تلك التي تحرّر وتُكتب جماعيّا، لأنها تتسم بكثرة المناقشات وتغــوص فــي التفاصيل وتفاصيل التفاصيل. وفيما يلي تفصيل لبعض التحديات التي واجهتها الشبكة على الصعيد المعياري والتحريري واللغوي والجمالي. - تحديات معيارية - مــرَ الإعــ م العربي، وخصوصًا التليفزيوني منــه، بعدة مراحل في تاريخه، 1 ؛ حيث يعتبر الإعلام بوابة للتعبئة " تليفزيون الوصاية " أبرزها ما يمكن تسميته بمرحلة والتلقين وأداة من أدوات التوجيه. في هذه المرحلة، بدت وســائل الإعلام بمختلف أشــكالها، مرآة للسلطة الحاكمة لا مرآة للشعوب. وفي أول تسعينات القرن الماضي، انطلق الإعلام الترفيهي والاستهلاكي وقنوات الدراما، ثم ظهرت في منتصف التسعينات ، بوصفها أول قناة إخبارية تعبّر عن الشعوب العربية بكل " الرأي والرأي الآخر " شاشة توجهاتها، وتنحاز لمدوّنات السلوك المهني وتستخدم أحدث الأساليب الإعلامية.

116

Made with FlippingBook Online newsletter