تُعرّف، ولكن عند صياغتها في شكل معيار، تبيَن أن المعنى القضائي للموضوعية هو الأقــرب لروح الجودة الصحفية؛ حيث يلتزم أطراف الإنتاج الإعلامي بالموضوع قيد المناقشة مع البعد عن الذاتية وفصل الرأي عن الخبر. الالتزام بالموضوع، وعدم خلط الأوراق " والموضوعية المطلوبة من الضيف هي على نحو ما يفعله كثير من الساســة والنشــطاء. فردّا على سؤال عن قتل المتظاهرين قد يأتي جواب المســؤول تعدادًا لإنجــازات النظام في موضوع البنية التحتية، عندها يجب إلزام الضيف بالموضوع بالسرعة الممكنة. والموضوعية المطلوبة من المراسل والمذيع هي البعد عن الذاتية، وعدم إقحام آرائه أو مشــاعره في القضية المطروحة، . وفي الســياق نفســه، تأتي معاني الدقــة والمصداقية ((( " والاكتفــاء بعرض الحقائق والإنصاف والإســناد، وكلها قيم تتســاند فيما بينها لدعم القيم المهنية. وقد حرصت الجزيرة على تعيين تلك القيم وتعريفها بشــكل إجرائي قياســي قدر الإمكان، شــأنها شأن الموضوعية. ولا ينبغــي أن تغيب، في ســياق الحديث عن القيــم المهنية، قضية مهمة تتعلق بانفعالات الصحفي. فهو ليس آلة يمكنها أن تتحكم في انفعالاتها، وليس مطلوبًا منه كبحها. وأحيانًا لا يمكن التحكم في مشاعر طبيعية كبكاء مذيع طُلب منه أن يبث خبر استشهاد زميل في ميدان الحقيقة، كما فعل المذيع محمد كريشان عند استشهاد طارق أيوب، رحمه الله. إن كتم المشاعر في تلك اللحظة النادرة قد يصيب المشاهد بخيبة أمــل، على عكس ما قد يذهب في ظن المدافعين عن الموضوعية الشــكلية المفرغة من بعدها الإنساني. مع ذلك، طبيعي أن يراعي الصحفي القواعد المؤطّرة لإطلالاته التــي يكــون معرّضًا فيها لمثل تلك اللحظات، والتي من المهم أن يبقى التفاعل معها خاصّا بحجم طبيعتها وليس حالة دائمة. فعدم الســيطرة على الانفعالات، إذا تكرر، يُخرج الصحفي عن الموضوعية ويمس بجوهر الحقيقة. فــي هذا الإطار، يمكــن الحديث أيضًا عن قيمة الحياد. فالحياد مســتحيل إذا كان مطلقًــا، ولكــن هناك حياد مقيد بالموضوعية وبجملة من المبادئ، أبرزها احترام المعتقدات، وحماية الطفل، والمســاواة بين البشــر، وتعزيز السلم، وحرية الرأي. فإذا تعــرض ضيف من ضيوف الجزيرة في لقاء حي لأحد هذه الثوابت، يفضّل، حســب مقتضيــات الجــودة، أن يأتيه الرد من ضيف آخر. فإن لم يتيســر ذلك، فعلى المذيع فإنْ وَصَم الضيفُ شــعبًا معينًا بوصمة " التذكيــر بهــذا الثابت الــذي تعرض للنقض، .26 ص ، مرجع سابق ، التحريرية المعايير (((
119
Made with FlippingBook Online newsletter