الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

ذلك جعل حضور الصوت الآخر يضعف بعض الشــيء، وهو ما جعل القناة تبحث عــن بدائــل أخرى، منها اللجوء إلى أطراف متعاطفة أو قريبة من القوى الممتنعة عن ، كما يقال. " محامي الشيطان " الحضور، أو لجوء الصحفي لتمثيل موقف لا شــك أن امتناع بعض الأصوات عن الظهور يضر بقيمة التعدد على منصات الجزيرة، ويمس من توازن الحقيقة، فحضور الطرف الأصيل، صاحب القضية، هو أكثر دعمًا لجودة الشاشة من الصوت القريب أو المتعاطف. ولعل المشاهد يجد في ذلك تفســيرًا لســبب تكرار ظهور ضيوف معينين. لكن ذلك لا يمنع أن تقع بعض قنوات الشــبكة أحيانًا في مصيدة الخضوع لضرورات الواقع الخبري، والبحث عن محترفي المقابلات التليفزيونية خوفًا من المفاجآت، حيث يعد هذا إشكاً قد يفرغ قيمة تعدد الآراء من محتواها الحقيقي، ويمثل مشــكلة عامة سببها السرعة والضغوط والحرص على تجنب المفاجآت على الهواء. - تحديات تحريرية يرتبــط التحدي التحريري بــأدوات الإنتاج الصحفي والقوالب الفنية والتحريرية المتعــارف عليها. والمعيــار التحريري هو الجانب المهني المهاري الذي يحقق القيم الأخلاقية العليا الســابقة، أو هو الوجه العملي لها، وتقع بلورته بالشــراكة مع الأقسام الإنتاجية في الشبكة. ومعلوم أن الفنون الصحفية تتيح مساحة لاختيار ما هو مناسب وأكثــر جودة وملاءمة في مخاطبــة الجمهور، في حين تترك بعض المقاييس الأخرى التي قد لا تُعتبر ملائمة؛ حيث تعتمد معطيات الأفضلية على الاختبار والتجربة. فمث ً، عندمــا يدوّن فريق الجودة أن من عناصر جــودة التقرير أن تكون مدته دقيقتين، وألا يقــل عــدد مرات بثه عن خمس، فإن ذلك يرجع إلى التقاليد التي تتبعها القناة، والتي تــرى أن الإخلال بها قد يمس من مســتوى الجودة. ونفــس المعيار ينطبق على مدة ، وكذلك ما يتعلق بالعناوين والخطوط والألوان، " الفيديو الكليــب " المقطــع المصوّر والشريط الإخباري الذي لا يزيد مثً على اثنتي عشرة كلمة أو ثمانين حرفًا. كل ذلك يُقدّم باعتباره من مقاييس الشبكة المعيارية التي تم التوصل إليها بالاتفاق بين الأقسام الإنتاجية المعنية، وتنعكس بالإيجاب على جودة الخدمة الإخبارية في قنوات الجزيرة. وعلــى أســاس تلك المقاييس تُدوّن الأدلة وتُكتــب التقارير والأبحاث التقويمية، مع الحرص على أن يُبســط النقاش حول المعايير التحريرية من جهة الصناعة والحرفية، وأن تسري ضمنها المعايير القيمية والأخلاقية من قبيل الدقة والمصداقية.

121

Made with FlippingBook Online newsletter