الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

عقيدة العمل " ، التي تُمثّل ((( " الدقــة " بهــا كتــاب المعايير التحريرية في بابه الأول هو والقاعدة المُؤَسّسَــة لباقي المبادئ والضوابط الحاكمة للممارسة الإعلامية. " الصحفي وهــذا ما يُفَسّــر رأي أحمد الشــيخ الذي اعتبر أن أول ما جــاءت به الجزيرة هو أن الخبر مقدس والرأي حر ومفتوح بعد سنوات من التسبيح بالحاكم في الإعلام العربي. وهــو مــا يعني معالجة القصة الخبرية من منظور إخبــاري نزيه لا يُبْتَر فيه أي عنصر من عناصرها، ويُفْسَح فيه المجال للرأي والرأي الآخر، بما يجعل المعالجة الإعلامية تسترشد بالحياد والنزاهة والتوازن والموضوعية. وتبدو الحاجة إلى الدقة أشد طلبًا اليوم، خصوصًا في ظل التدفق الهائل للأخبار والمعلومــات والصور ومقاطع الفيديو التي تنشــرها الصحــف الإلكترونية والمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي ينتج عنه اختلاف الروايات وربما اختلاقها وتضارب التفاصيل التي تحيط بالأحداث والوقائع. فتصبح مسألة عدم الدقة إشــكالية تؤثر ســلبًا في تشكيل الرأي العام، لأن الرسالة الإعلامية تكون قد تعرضت للتشــويه أو التحريف. وقد بيّنت تجربة الجزيرة المهنية أن الدقة ليســت أمرًا هيّنًا؛ إذ يمكن الوقوع في الخطأ بنشــر بعض الصور في مناســبات مختلفة إذا لم يجرِ التحري عن بياناتها والتحقق من مصادرها. لا شــك أن هذا الفصل لا يســمح بتناول جميع المبادئ التي أرســتها الجزيرة، لكــن بصمتهــا المهنية تبدو جلية فيما أدخلته من تجديد على مبدأين أساســيين، هما التوازن والموضوعية. فالتوازن لا يعني فقط معالجة القصة من منظورين مختلفين أو متناقضين. لأن ذلك يختزل أبعاد الخبر أو القضية في خيارين اثنين فَيُظْهِر الوقائع على غير حقيقتها، بينما هناك الكثير من الآراء المختلفة والمواقف والاحتمالات والحلول التي يجب النظر إليها لتحقيق التغطية الشــاملة لعناصر الخبر أو القضية. وهنا، تبدو فتحت شاشتها لكل الآراء " أهمية تجربة الجزيرة في المشهد الإعلامي العربي عندما والاتجاهات والتيارات في المجتمع من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. واستضافت . فلم ((( " فئات اجتماعية وسياســية كانت مُهمّشــة ولم يكن أحد يجرؤ على استضافتها تكــن هــذه التيارات والفئات تجــد مجاً أو فرصة للتعبير عــن آرائها وأفكارها في الإعلام الرســمي العربــي أو التواصل مع محيطها وبيئتها بســبب محاصرة وجودها أرست الجزيرة أُسُس " اجتماعيّا وسياسيّا وثقافيّا، بل والتضييق عليها اقتصاديّا. وبذلك

.24-19 ص ، سابق مرجع ، التحريرية المعايير ((( . سابق مرجع ،) الهاتف عبر مقابلة ( ، علوني تيسير (((

154

Made with FlippingBook Online newsletter