الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

معاهــد الإعلام بالوطن العربــي والملتقيات الدولية. ويُعتبــر معهد الجزيرة للإعلام مؤسسة تكوينية ومنصة معرفية يتلاقى فيها الجيل المُؤَسّس للجزيرة مع جيل الشباب مــن الصحفيين والإعلاميين الذين يطّلعون على التجربة الإعلامية لمدرســة الجزيرة ويكتسبون الخبرة العملية في رحاب هذه المؤسسة. خاتمة عامًا على انطلاقها، تُشــكّل مجتمعًا 25 لا تزال الجزيرة حتى اليوم، وبعد مرور للبحث الإعلامي والسياســي والدرس الأكاديمي. وذلك لأهمية تجربتها المهنية ولما قدمته من نموذج إعلامي غير مســبوق كانت له بصمته في المشــهد الإعلامي العربي والدولي. وقد بيّنت الدراسة أهميةَ هذا النموذج بأبعاده الثلاثة (منظور جديد للمعايير الخبرية، وثقافة إعلامية جديدة، ونهج إخباري جديد للتغطية). فهو يُؤَسّس لقيم خبرية . " ما قبل الجزيرة " جديدة غير مألوفة في العمل الإخباري الذي كان سائدًا في مرحلة كما وَطّن هذا النموذج ثقافةً إعلامية جديدة ومصفوفةً من القيم المنهجية التي تُشكّل قطيعــة معرفية/إعلامية مع تجارب الإعلام العربي الرســمي التقليدي والمؤسســات الإعلامية الدولية الكبرى. وقد برزت مظاهر هذه الثورة الإعلامية في مجالات ومســتويات مختلفة أشــرنا إلــى بعضها، وقد تركت بصمتها في المجال الإعلامي العربي والدولي الذي شــهد، في ســنوات معدودة، نشــأة عدد كبيــر من القنوات الفضائيــة. ورغم أن بعض تلك القنوات بُعث بالأساس لمنافسة الجزيرة، إلا أنه حاول أن يستلهم نموذجها الإخباري لاستقطاب الجمهور الذي شكّلته خلال مسيرتها المهنية. ولأن بعض العناصر المكوّنة لنموذج الجزيرة غابت عن تلك القنوات، لاسيما عناصر الحرية والاستقلالية والتوازن، فقد ظلت مجرد منصات للسياسة الخارجية للدول التي أنشأتها. هنا، تبرز قيمة النجاح الــذي حققتــه الجزيرة في كســر هيمنة الإعلام العربي الرســمي والدولي؛ ما جعلها تتحــول، فــي حالات كثيرة، إلى مصدر أول أو أوحد للخبر. كما نجحت في إحداث تــوازن مهم في حركة تدفق المعلومات والأخبــار التي كانت، لعقود طويلة، تتم من الشــمال إلى الجنوب. يقودنا ذلك إلى بصمة الجزيرة في الخريطة الإعلامية الدولية، باعتبارها علامة إعلامية مميزة ذات حضور وتأثير قوي في محيطها الإعلامي والثقافي والسياسي. لكن هذا التغيير الذي أحدثته الجزيرة، لم يكن دون ثمن. فقد دفعت خلال مسيرتها التي تمتد على مدى ربع قرن، كلفة باهظة من حياة مراسليها الذين استشهد بعضهم أثناء تغطية الحروب والنزاعات، بينما زُجّ بآخرين في السجن لسنوات، فض عن الضغوط السياسية وقرارات الإغلاق في حق مكاتبها في أكثر من بلد.

166

Made with FlippingBook Online newsletter