الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

تطورها على مدى ربع القرن الذي مضى من مسيرتها. وقد قسّمنا تلك المراحل إلى أربع، هي التالية: – ) 2000 - 1996 المرحلة الأولى: ( – ) 2006 - 2001 المرحلة الثانية: ( – ) 2010 - 2007 المرحلة الثالثة: ( – ) 2021 - 2011 المرحلة الرابعة: ( . المرحلة الأولى: ال أري وال أري الآخر 1 ، لم يعرف الشرق الأوسط بصفة عامة، 1996 على مدار نصف قرن وحتى العام والعالم العربي بصفة خاصة سوى نمط وحيد من إعلام رتيب أحادي الخطاب تسيطر عليه أنظمة ديكتاتورية لا ترى في الإعلام سوى أداة لدعم سلطتها على حساب شعوبها وحقوقها الأساسية. ومع تزايد الضغوط التي فرضها التطور التكنولوجي المتسارع في مجال البث التليفزيوني في تســعينات القرن العشــرين، بدأت بعض الأنظمة السلطوية في العالم العربي بالسماح لرجال أعمال بإطلاق فضائيات خاصة. وكان ذلك التوجه مدفوعًا أيضًا بالرغبة في التقليل من تأثير الفضائيات القادمة من خارج الشرق الأوسط والعالم العربي، حاملة لشــعوب المنطقة قيمًا جديدة وأفكارًا تحررية. تجدر الإشــارة هنــا إلــى أن جلّ تلك الفضائيات كانت، ولا تزال، مملوكة لرجال أعمال مقربين من تلك الأنظمة أو تحت سيطرتها المطلقة. وبالتالي، حتى مع إطلاق الموجة الأولى من الفضائيات العربية، لم يتحرر المجال الإعلامي العربي، بل ظل يدور في فلك السلطة ويكرّس صحافة الصوت الواحد والرأي الواحد. لــم يختلف الأمر إلا مع الجزيرة، التي كســرت منذ انطلاقها احتكار المعلومة وغيّرت اتجاه تدفق الأخبار الذي هيمنت عليه، لعقود من الزمن، الأنظمة الديكتاتورية محليّا ووسائل الإعلام الغربية عالميّا. ولتكريس هذا التحول ووضع بصمتها على هذه . فإلى جانب أهميته في " الرأي والرأي الآخر " المرحلة الجديدة، طرحت الجزيرة شعار الســياق الإعلامي والسياسي العربي، عكس هذا الشعار جانبًا مُهمّا من روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يدعو إلى حرية الفكر والرأي والتعبير. لقد كانت تلك الخطوة بمنزلة ثورة حقيقية أثّرت بعمق في وســائل إعلام تحت الســيطرة والرقابة. والأكثر خطورة أنها زعزعت العديد من تلك الديكتاتوريات وخفّفت من قبضتها على شعوبها، فاندفعت مرغمة إلى إجراء عمليات تجميل لوسائل إعلامها، اقتصر معظمها على الشكل دون المضمون.

169

Made with FlippingBook Online newsletter