الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

الاتصال والمعلومات ســتعزز قدرتها علــى الوصول إلى مناطق الأزمات والكوارث، وتساعدها على تغطية الجانب الإنساني فيها بشكل أسرع وفاعلية أكبر. خاتمة خــ ل ربــع قرن من الزمن، غيّرت الجزيرة المشــهد الإعلامي العربي وقدمت للعالــم نموذجًا إعلاميّا رائدًا. فقد امتــدت تغطيتها لتصل إلى مختلف أصقاع الدنيا، وتنــوع محتواهــا ليشــمل مختلف أنواع القضايــا والموضوعــات. فغطّت الحروب والثورات والانتخابات والكوارث الطبيعية والإنســانية. وحاورت القيادات السياســية والفكرية والدينية وربطت بين أصوات الشــارع وصنّاع القرار. وناقشــت على منابرها أعقــد القضايا وأشــدها حساســية بمهنية عاليــة وحرية غير مســبوقة. ورصدت آثار الأحداث على الدول والمجتمعات وظروف الناس في معيشــتهم وكرامتهم وحريتهم وحقوقهم الإنســانية. في كل ذلك، كانت الجزيرة تضع الإنســان في قلب اهتماماتها. فكما تجلّى البُعد الإنساني في سياساتها التحريرية من خلال مواثيقها وأدلّتها المكتوبة، تجلّــى فــي تغطياتها الميدانية في فترات الحرب والســلم على حدّ ســواء. لقد كان الإنسان في نموذج الجزيرة الإعلامي الخيط الناظم لما تقدمه لمشاهديها من محتوى إخباري وبرامجي. فهو الأولوية في الخبر، وهو القضية عند محاورة صاحب السلطة، وهو الموضوع في البرامج السياســية، وهو المعني الأول عند نقل أحداث الحروب والكوارث من مجاعات وزلازل وأعاصير. لقد ترجمت الجزيرة هذا الانحياز الإنساني في مرحلة أولى حين دشــنت تجربتها بفتح شاشــتها للرأي والرأي الآخر، متخذة من ذلك شعارًا تأسيسيّا. وترجمته في مرحلة ثانية أثناء تغطياتها الملحمية لأحداث المنطقة العربية والعالم بأســره. وترجمته في مرحلة ثالثة حين وسّعت نطاق تغطيتها لتخاطب الناس بلسان إنجليزي خصصت له قناة تليفزيونية ومنصات رقمية. وترجمته في مرحلة رابعة حين اندلعت ثورات الربيع العربي فكانت كاميرات الجزيرة ومراسلوها في قلب الأحداث، ينقلونها بأمانة وحرفية، انحيازًا للإنسان وحقّه في الحرية والكرامة والعدالة.

182

Made with FlippingBook Online newsletter