جملة معطيات جديدة من أهمها أن مشــروع الجزيرة كوســيط إعلامي بين الســلطة وما يعنيه ذلك من " الوعي العام " والجمهور العربي، قام على هدف مركزي هو نشــر بنــاء ثقافــة جماهيرية جديدة. وهذا الوعي الجديد، أو الثقافة الجديدة، مرتبط ارتباطًا عضويّا بمجموع القضايا والخيارات العامة التي تهم الجمهور. وهنا تتضح أهم القضايا التي بُنِي عليها مشروع الجزيرة المتمثل في تشكيل ثقافة إعلامية وسياسية عربية تلبي الاحتياجات العامة للجمهور العربي في اختلافه وتعدديته. جســرًا بين الشــعوب والثقافات لترسيخ حق " والجزيرة ثالثًا، تطمح لكي تكون . ((( " الإنسان في المعرفة وقيم التسامح والديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الإنسان وهذا الطموح نحو العالمية يمثل اســتمرارًا وترســيخًا لثقافة محلية تسعى لأن تحقق نوعًا من التعايش مع الشــعوب والثقافات الأخرى. ويبقى الهدف الأكبر من مشــروع الجزيرة هو تحرير الإنسان، عربيّا كان أم أجنبيّا، من قيم الخضوع والتبعية للآخر. بهذا التناول، يصبح مشروع الجزيرة في صيغته المركبة عبارة عن وسيط إعلامي عربي وليد ســياق اجتماعي وسياســي عربي خاص، وإجابة فعلية عن سؤال عربي متكرر، غايته الأولى تشكيل ثقافة سياسية جديدة قوامها مقارعة الآراء ووجهات النظر لما فيه ضمان مصلحة عامة الناس. أما رهانات هذا المشــروع فتتحدد في تحرير الإنســان العربي، وفتح حوار مع الآخر الأجنبي والانفتاح على ثقافته، بهدف الدفاع عن الحقوق الكونية للإنسان فردًا كان أم جماعة، في امتلاك المعرفة وممارسة حقوقه كاملة غير منقوصة. فالجزيرة بهذا المعنى، مشــروع إعلامي فريد في السياق العربي الحديث، وهي أهم وسيط إعلامي عربي تمكّن من بناء علاقة جديدة ومختلفة بين السلطة والمجتمع في العالم العربي. ولأنها تقف على النقيض من المشاريع المجتمعية والسياسية العربية السابقة، فقد استثمرت حالات الفشل المسجلة على مستوى الخطاب العربي المعاصر في أشكاله الليبرالية والقومية والاشتراكية والإسلامية. وعملت على استيعاب المشاريع يقوم على حضور جميع أشــكال الطيف " الســابقة، بهدف صياغة خطاب عربي جديد السياســي العربي، والانتصار لدائرة المجتمــع أو الجمهور العام، بدل الارتهان لتلك ((( ." العلاقة التقليدية التي تقوم على تبعية الخطاب الإعلامي للدولة الراعية أو المموّلة . نفسه المرجع ((( الطليعة دار ، بيروت ، العربي الإعلامي الفضاء في المحرمات كسر : الجزيرة قناة ، الزيدي مفيد ((( .34 ص ، 2003 ، والنشر للطباعة
188
Made with FlippingBook Online newsletter