الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

الابن الحرب على الإرهاب، بدأ شــكل آخر من أشــكال اســتهداف الجزيرة من قبل المؤسسات السياسية الأميركية ممثلة في البيت الأبيض. ويرجع السبب في ذلك إلى كون الجزيرة نقلت الأحداث من منظور مختلف وفرضت ســردية مغايرة لتلك التي أَلِفها الجمهور الأميركي والغربي عمومًا. ومــع قصف مكتب الجزيرة فــي كابول من قبل القوات الأميركية، أصبحنا أمام معادلة جديدة، وهي أن الجزيرة، بخطابها الإعلامي تمكنت من تحدي المؤسســات الأميركية وفضح سياسة المحافظين الجدد في العالم العربي والإسلامي. وبذلك تكون تغطية الجزيرة للحرب الأميركية على أفغانستان ومحاربة ما يسمّى الإرهاب تجاوزت مســألة تنازع الســرديات بين قناتين إخباريتين إلى مواجهة بين مؤسسة إعلامية عربية ودولة غربية كبرى. وعبر هذه المســتويات التحليلية، يكون أداء الجزيرة في تغطيتها للقضايا الكبرى التي تمس الجمهور العربي، قد تمكن، في أقل من خمس ســنوات، من تحقيق ثلاث مهمات رئيسية، هي: - تحفيز الجمهور العربي للوعي بأن هناك صوتًا عربيّا، اسمه الجزيرة، معنيّ ببناء ســردية عربية الانتماء في تغطيته للقضايا التي تهم هذا الجمهور العريض. وبالتالي، فقد حقق نجاح الجزيرة في تغطيتها للحرب على العراق وأفغانستان نجاحًا لها وفوزًا . ((( بعقل المشاهد العربي وقلبه - أصبــح النقل الحي والمباشــر للأحداث هو الخيــار المهني الأول والأقرب للموضوعية في تغطية الأحداث والقضايا الكبرى، فهو المحك الحقيقي لكسب عقول الناس وقلوبهم. وهذا الأسلوب في التغطية الإخبارية كان مغيّبًا لدى الجمهور العربي، ولم يكن الإعلام الرســمي يملك الإمكانات ولا الجرأة ولا الخيارات التحريرية التي تمكّنه من إنجاز هذا النوع من التغطيات المباشرة. - كشفت تغطيات الجزيرة لجمهورها أن الحروب تُكسَب إعلاميّا قبل أن تُكسب في ساحة المعركة. ورغم أن الحرب الأميركية على العراق وأفغانستان انتهت بسقوط نظاميْ صدام حسين وطالبان، إلا أن جمهور الجزيرة أدرك طبيعة النظم السياسية العربية والإسلامية وعلاقاتها بالولايات المتحدة، وفهم دور الإعلام في استدامة الهيمنة الغربية على تلك الأنظمة وفي التحرر منها. والأهم من ذلك، أدرك هذا الجمهور أن سقوط نظام صدام لم يكن سوى بداية لمشاهد سقوط أخرى قادمة. El-Nawawy and Iskandar, Al Jazeera, pp. 45-46. (((

193

Made with FlippingBook Online newsletter