، أي إن الأمــر يتعلق بعقــد كامل من محاولة البحــث عن أفق إعلامي 2011 حتــى وسياســي لمرحلة ما بعد الصدمة. فالمنافســة بين الجزيرة وســي أن أن، وما أســفر عنها من تحدّ لبعض تجليات السياســة الأميركية في المنطقة، إلى جانب المواجهات الأخرى مع القنوات والنظم السياســية العربية، شــكّلت اختبارًا حقيقيّا لدى المشرفين على الشبكة. فالقاسم المشترك الذي كان يجمع بين الإدارة الأميركية وأغلبية الأنظمة العربية هو اتهام الجزيرة، إما بدعم الإرهاب أو بدعم جماعات الإسلام السياسي في العالم العربي. كما اتّهمت بشق الصف العربي وبثّ الفُرقة في المجتمعات العربية من خلال الســماح لأصوات الأقليات والمعارضة بالظهور. وقد شــكّلت تلك الاتهامات أساسًا لضغوط مستمرة من أجل دفع الجزيرة لتعديل أجندتها الإخبارية وتغيير سياستها التحريرية، وصلت إلى حدّ قصف مكاتبها والمطالبة بإغلاقها. ورغم أن تغطيات الجزيرة في هذه المرحلة ركزت أكثر على ملفات عربية داخلية مرتبطة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وملفات الفساد في العالم العربي، كمحطة جديدة وضرورية لإعادة تشــكيل وعي الجمهور العربي، فإن الأحداث التي شــهدتها القضية الفلســطينية على ســبيل المثال، والتطورات السياســية في بعض الساحات الأخرى، أسهمت في بلورة عدد من العناصر المكوّنة لمعادلة الوعي والتشكيل. فتعاطي الجزيرة المختلف مع القضية الفلســطينية، باعتبارها القضية الأولى للجمهور العربي، والنبش في الواقع السياسي الفلسطيني للكشف عن خيارات أخرى للشعب في علاقته بقيادته وبالشعوب العربية، قدم لهذا الجمهور معرفة واعية وغير متحيزة بموضوع شائك كان لها بالتأكيد دور فعّال في تشكيل وعي نقدي يرفض المهادنة. في هذا السياق، نعرض نموذجين لتغطية القضية الفلســطينية على شاشــة الجزيرة، ولا شك في أن الكثير من التغطيات الأخرى تقود إلى نفس النتائج، وإن اختلفت التفاصيل الخاصة بكل حدث. في شهادته على تغطية الجزيرة لتفاصيل الحرب السادسة بين العرب وإسرائيل، ، يُبرز وليد العمري، مدير مكتب الجزيرة في فلســطين، 2006 التــي وقعــت في العام أن تغطية القناة للضربات الصاروخية لحزب الله للعمق الإســرائيلي برّا وبحرًا وجوّا، . ولأنها " الجيش الذي لا يُهزم " هزّت المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، وحطمت مقولة " اعتمدت البث الحي من الجبهات الأمامية، ونقل صور سقوط الصواريخ على مدن حيفا أن حزب الله ليس في حاجة إلى أقمار اصطناعية " وعكا ونهاريا، فإن إسرائيل اعتبرت . وبعد انتهاء الحرب، بدأ ((( " ولا عملاء، ما دامت الجزيرة تقوم بهذه الأدوار مجتمعة ، 2006 ، الفلسطينية الدراسات مجلة ، " السادسة الإسرائيلية الحرب في الجزيرة قناة " ، العمري وليد ((( .118-113 ص
196
Made with FlippingBook Online newsletter