الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

تشــكّل الرواية الشفوية العمود الفقري لهذا العمل، وهي رواية مجموعة معتبرة ممن شــارك في تأســيس الجزيرة، ومن هؤلاء من يُدلي بها لأول مرة، ومنهم كذلك بعض من لحقوا بهم بعد أشهر من بداية البث، وكانت لهم بصمة في مسيرتها. ورُوعي في اســتقاء الرواية الشفوية التنوع بدل الاكتفاء بالوجوه المعروفة من الصحفيين، كما دأب على ذلك من كتبوا عن الجزيرة. وقد جرى عرض الرواية الشفوية بعضها على بعض، ثم على الوثيقة المكتوبة، لسدّ الثغرات في بعض الأحداث وما يعتريها أحيانًا من تضارب. كما شكّلت الصحافة، وخاصة المحلية، مصدرًا مهمًا لهذا العمل، لأنها كانت شاهدة على ميلاد الجزيرة وواكبت تطورها عن قرب. . مشهد الإعلام العربي قبل ظهور الجزيرة 1 اتســم مشــهد الإعلام العربي قبل ظهور الجزيرة بتســخير الأنظمة الحاكمة في العالم العربي وســائل الإعلام لخدمتهــا، وتضييق الخناق على حرية التعبير، وتغييب صــوت المواطن ناهيك عن أصوات المعارضة. لقد كانت مرحلة عانى فيها المواطن العربي اغتصابًا معنويًا طوال عقود مارســه الإعلام العربي الرســمي بدعايته السياسية، كدأب كل الأنظمة غير الديمقراطية في كل زمان ومكان. وحين ظهرت الجزيرة كان الإعــ م العربي، في غالبيته، عالة على مصادر الأخبار التي تزوّده بها وكالات الأنباء الرســمية العربية ووســائل الإعلام الغربية. وربما يجدر التأكيد هنا على أن وســائل ليســت محايدة على الإطلاق، وإن كانت لا تخضع " الإعلام الغربية، والدولية عمومًا لســيطرة حكومية، فإنها تخضع لمنظومة قيمية ولمصادر خبرية لا تُعنى على الإطلاق بمصالح واهتمامات المشــاهد العربي. ولا يقتصر غياب الحياد على الأنباء، فالصورة السلبية الشائعة عن العرب، ومواطني العالم الثالث، والتركيز على القيم الاستهلاكية، وإعــ ء الفردية كلها أنماط مغروســة في قلب الإنتــاج الدرامي والأفلام القادمة من . ((( " الشركات الكبرى ورغم أن عقد التســعينات من القرن العشــرين، شــهد فورة في إنشاء القنوات الفضائيــة فــي العالم العربي، فإنها كانت في معظمها قنوات رســمية وبعضها أنشــأه خواص، يدورون في فلك الأنظمة. ولم تكن أي من تلك القنوات قناة إخبارية. لقد كانت هذه الفورة تطورًا في الشــكل مكّن الأنظمة الحاكمة في العالم العربي من أداة لمدّ خطابها إلى ما وراء الحدود واستهداف جالياتها، بينما ظل المضمون على حاله. مطرقة بين : والعشرين الواحد القرن مشارف على العربي الإعلام ، منصور وخالد غريب إدموند ((( .18 ص ، 2000-1999 السادس الكتاب ، باحثات مجلة ، الدولة وسندان العولمة

18

Made with FlippingBook Online newsletter