الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

غير مســبوق في حركة تدفق الأخبار والمعلومات بين الشــمال والجنوب. فكيف تمكنــت الجزيرة مــن تحقيق هذه النجاحات التي مثّلت تحديًا للســلطة بوجهيها، الإعلامــي والسياســي؟ وكيف كانــت ردود الفعل على هذا التحدي ســواء على الصعيــد العربي أم العالمي؟ هذه هي الأســئلة الرئيســية التي يحاول هذا الفصل الإجابة عليها، إســهامًا في توثيق تجربة هذه المؤسســة الإعلامية الرائدة، ورصد بعض التحديــات التي واجهت نموذجها الإعلامي الفريد. ا ًّ ا وتنافس على الصدارة عالمي ًّ . الجزيرة تواجه السلطة عربي 1 وللمرة الأولى في تاريخ علاقة العرب بالإعلام، تمكّنت مؤسسة عربية من منافسة الوســائل الإعلامية الغربية الكبرى التي احتكرت فضــاء الوعي العالمي طوال القرن العشــرين. وقد أدرك صُنّاع القرار في العالم العربي بشــكل مبكر حجم التأثير الذي حققته الجزيرة على الجمهور العربي منذ انطلاقها، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني . وخلال فترة قصيرة نســبيّا أصبحت الجزيرة حســب تعبير الصحفي الأميركي، 1996 أكثر الشــبكات التليفزيونية حرية والأكثر " ) Thomas Friedman تومــاس فريدمان، ( . لكن هذا القدر من الحرية والانتشار تسبب في صدمة ((( " مشــاهدة في العالم العربي على المســتوى الرســمي العربي. فقد كانت الجزيرة مث ً، أول محطة عربية وعالمية ، حين كانت العاصمة العراقية تخضع لمقاطعة دولية 1998 تنشئ مكتبًا في بغداد، عام شاملة. وأتاح ذلك للجزيرة أن تنقل منفردة تفاصيل القصف الأميركي للعاصمة العراقية في ديســمبر/كانون الأول من العام ذاته، لتصبح " ثعلب الصحراء " فيما عُرف بعملية في السنة الثانية من عمرها المصدر الوحيد للصور والمعلومات القادمة من بغداد. لم تكن تلك التغطية مناسبة لجزء مهم من النظام الرسمي العربي، الذي أراد إبقاء مشاهد ما يجري بحق العراق أو وجهة نظر السلطات العراقية بعيدة عن أعين ووعي الجمهور العربي. كما أنه لم يَرُقْ للولايات المتحدة التي كانت، في ذلك الحين، تواصل الضغط ، الذي " تحرير العراق " على الســلطات العراقية، وأصدرت في نفس ذلك العام قانون ترافق مع حملة دعائية واسعة. وبعد تحقيقها نجاحًا مهنيّا كبيرًا في تغطية الغزو الأميركي لكل من أفغانســتان Thomas Friedman, “Fathers and Sons,” New York Times, 12 February 1999: (accessed ((( 15 November 2020) https://www.nytimes.com/1999/02/12/opinion/foreign-affairs-fathers- and-sons.html/.

238

Made with FlippingBook Online newsletter