والأجهزة الرسمية والأمنية، فيتسبب ذلك في إرباك الصورة الكاملة للحقيقية. في ظل هــذا الوضــع، تصبح مهمة الإعلام في ضمان التــوازن في نقل الأخبار أكثر صعوبة. فالتعامــل مع أي خبر ينبغي أن يتجــاوز الثنائيات المعهودة في دول أخرى (موالاة/ معارضة-جهات رسمية/أهلية، إلى غير ذلك من هذه الثنائيات). وبالتالي، فإن التغطية الشاملة والدقيقة للخبر اللبناني تفرض اعتماد مجموعة من المعايير المهنية فائقة الدقة لتقديــم منتج إخباري بعيد عن أي توجيه سياســي أو طائفي تحاول القوى الســائدة . ((( فرضه في خضم هذه التعقيدات السياســية والميدانية، وجد طاقم الجزيرة في لبنان أن التوازن والمهنية في التغطية الإخبارية شــرطان أساســيان في تخطي عناصر الضغط المحتملة، لاســيما خلال أحداث محددة. فالطاقم يتعامل بحذر شــديد مع التطورات ذات البعــد الطائفــي ويقدم تغطيات تُوازن بين توفير منتج إخباري يتلاءم مع الأهمية التحريريــة للخبــر من جهة، ومقتضيات المهنية التي تمنعه من الانســياق وراء الضخ الإعلامي الموجّه الذي تقوم به بعض وســائل الإعلام المحلية من جهة أخرى، كما يوازن بين مصادره الخاصة وما يرد من معلومات قد تكون مضلّلة من وسائل التواصل . ((( الاجتماعي وعلى عكس العراق، فإن النظام الطائفي القديم نســبيّا في لبنان له تقاليد يمكن فهمها واســتيعابها من قِبل المراســل الصحفي، لاســيما إن كان من أبناء البلد. وهذا يســاعد كثيرًا في إيجاد مقاربات مناســبة لتقديم تغطية مهنية بأقل قدر من الخســائر. فضً عن ذلك، فقد أسس مناخ الحرية الإعلامي العريق في لبنان، رغم تعرضه لبعض الانتكاســات الظرفية، لثقافة اجتماعية وسياسية أكثر تفهّمًا لمتطلبات العمل الإعلامي واســتيعاب شروطه. لكن الالتزام بمبادئ المهنية لتجنّب الاحتكاك غير الضروري مع مراكز القوى ليس كافيًا، فأحيانًا تطرأ على المشهد مهدّدات غير متوقعة. فعلى سبيل المثال، واجه فريق الجزيرة في لبنان، في أكثر من مناســبة، ضغوطًا مارســتها جهات سياسية وحزبية نافذة بسبب اعتراضها على ما تكتبه شخصيات عاملة في الجزيرة على حســاباتها الشــخصية في مواقع التواصل الاجتماعي. كما تعرّض مكتبها في بيروت لمحاولة اقتحام من جهة حزبية احتجاجًا على تغريدات لأحد منتســبي الشــبكة وجّه فيها انتقادات ساخرة للجيش. حينها، حاول عشرات الشبان الحزبيين اقتحام المكتب أيلول / سبتمبر 8 ،) الإلكتروني البريد عبر مقابلة ( بيروت في الجزيرة مكتب مدير ، إبراهيم مازن ((( .2020 . نفسه المرجع (((
253
Made with FlippingBook Online newsletter