الجزيرة تروي قصتها: دراسات في العمق

. لقد دفعت ((( مــن مصــادر الأخبار، يكاد ينافس في أهميته مصادر الأخبــار التقليدية الأخطاء التي وقعت فيها الجزيرة، رغم قلّتها، إلى إنضاج تجربتها على هذا الصعيد، فطوّرت من سياساتها بشكل أفضل على صعيدي المنهجية والانضباط. خاتمة بعد استعراض هذه القضايا والوقائع، لا يمكن إنكار حقيقة أن استهداف الجزيرة كان، في جانب كبير منه، بسبب تأثيرها الواسع في المجال العام. ولا يمكن أن نغفل حقيقة أن هذا الاســتهداف الذي حصل على يد دول تكفل تشــريعاتها حرية التعبير، إنمــا جــاء لطمس الحقيقة أو للتغطية على انتهاكات وجرائم ارتكبتها، كما حدث في أفغانســتان والعراق. لقد صاغت الجزيرة خلال مســيرتها المتميزة، خطابًا مغايرًا غيّر وجــه الإعلام العربي، وأرســت نهجًــا بديً جعلها في مرمى الــدول التي تتعارض مصالحها مع هذا الخطاب، ســواء بفعل الاســتبداد الذي يحكم المنطقة العربية، أم بفعل التدخل الخارجي الذي يرفض الســماح لوجهات النظر المخالفة أن تصل إلى الرأي العام. وكانت الجزيرة، وهي تفكّك وتقوّض الســرديات المهيمنة، تصنع فهمًا جديدًا وتشكّل رؤية مختلفة للأحداث، من خلال تقديم سرديات ألصق بالواقع الذي تجري فيه تلك الأحداث. وربما يكون ذلك أحد أهم أسباب استهدافها بالتضييق على عملها وقتل مراسليها وقصف مكاتبها والتشكيك في مصداقيتها ووصمها بالإرهاب. وخلال مســيرتها التي ناهزت ربع قرن من الزمن، يمكن تســجيل أخطاء نادرة وقعــت فيها الجزيرة. لكــن منهجيتها في التعامل مع تلك الأخطاء كانت على الدوام مهنيّــة وتتبلــور من خلال الإقرار بالخطأ ونقد الــذات ومراجعة الأداء وتطوير آليات العمــل للرفع من مســتوى المهنية. وقــد تجلّت تلك المنهجية فــي عدد من الأدلة والمواثيق الخاصة بالشرف والسلوك المهني، وتدوين ذلك ليكون مصدرًا لفهم الجزيرة ودراسة تجربتها، وليكون كذلك متاحًا لنقل التجربة للآخرين.

. نفسه المرجع (((

285

Made with FlippingBook Online newsletter