العدد الثالث من مجلة لباب

191 |

معارك الإثبات والإبطال في مجرة الذكاء الاصطناعي

عهـد لويـس الرابـع عشـر فـي محاولـة لتوجيـه الـرأي العـام واحتـواء “انحرافاتـه”. فكلمـا زاد عــدد “الذبــاب” لاحــت فــي أفــق الســلطة إمكانيــة تصويــب المســار الاجتماعــي وتعديل ـه. ومـن المهـم الإشـارة هن ـا إل ـى أن حقيقـة الذب ـاب هـذه، قـد ارتبطـت بأطـر اجتماعيـة جديـدة فـي تلـك الفتـرة مثـل المقهـى، ولـو أن دور المقهـى فـي فرنسـا قـد ازدهـر بعـد رحيـل لويـس الرابـع عشـر؛ فالمقاهـي والصالونـات كان لهـا، أواخـر القـرن ـال فـي تغذيـة الـرأي العـام وتنميـة الفكـر. ويمكـن اعتبارهـا “إلـى َّ السـابع عشـر، دور فع ـم الثاني ـة الت ـي انبثق ـت منه ـا أيديولوجي ـة التغيي ـر ف ـي فرنسـا بال ـذات، ِ ح َّ حـد م ـا، الر ـا، بوظائـف ّ ً بعـد الفكـر الأنـواري. وقـد ارتبطـت وظائـف المقاهـي والصالونـات، تاريخي إنت ـاج الف ـن والأدب والعل ـوم الإنس ـانية بش ـكل ع ـام. وي ـروي لن ـا التاري ـخ، أن الحي ـاة صـت مـن سـجنها فـي قصـر فرسـاي، َّ الثقافيـة، بعـد مـوت لويـس الرابـع عشـر، قـد تل لت، عل ـى َّ لتس ـكن مقاه ـي باري ـس ونواديه ـا وصالوناته ـا العام ـة والخاصـة الت ـي شـك امتـداد القـرن الثامـن عشـر بالخصـوص، أرضيـة صالحـة لظهـور تيـارات فكريـة وألـوان ). فالمقهـى، مـن 60( ا للجـدل الفلسـفي والسياسـي ً لـت مسـرح َّ مـن الأدب والشـعر، ومث وجه ـة نظ ـر سوسـيولوجية، ه ـو علام ـة م ـن علام ـات الفصـل ب ـن الدول ـة والمجتم ـع ـال َّ المدنـي، يحقـق فـي حـدوده الفـرد حريتـه الفرديـة مـن خـ ل ضـروب التواصـل الفع مـع النـاس ومـع المعرفـة، ثـم إنـه، مـن الناحيـة السـيكولوجية، الفضـاء المسـتقل الـذي يحـدث فيـه التفاعـل الرمـزي، ويكتشـف فيـه الفـرد معنـى الـذات بالمفهـوم الهيجلـي ـة َ س َ س ْ و َ ). مهم ـة الذب ـاب حينئ ـذ ه ـي الج 61(” للكلم ـة، وتتجل ـى في ـه معان ـي الت ـذاوت فـي معناهـا الأمنـي، والتصـدي للـرأي العـام المخالـف فـي معناهـا السياسـي، واحتـواء ـا إلـى ً الشـائعات العامـة فـي معناهـا الميديولوجـي. لذلـك، سـعت الملكيـة الفرنسـية دائم معرفـة الـروح الفكريـة والسياسـية السـائدة فـي المجتمـع بنشـر ذبابهـا فـي كل أنحـاء فرنسـا.

Made with FlippingBook Online newsletter