| 192
الــرأي العــام اليــوم، تحــررت صناعتــه مــن بــارادايم الضبــط لتســتقر فــي بــارادايم الاســتقطاب حيــث الانتشــار الواســع للمقاهــي وصالونــات الدردشــة الإلكترونيــة ومنصـات التواصـل الرقمي ـة، والتم ـدد المتزاي ـد لدوائ ـر الب ـث والتفاع ـل المباشـر عل ـى ا علـى غايـة مـن الصعوبـة والتعقيـد. ً ـم بدفتـه أمـر ُّ المواقـع الشـبكية، ممـا يجعـل التحك فــأدوات التعبئــة، وآليــات الإثبــات والإبطــال التــي كانــت تحتكرهــا أجهــزة الدولــة وبعـض الإمبراطوريـات الإعلاميـة فـي العالـم، باتـت بيـد الأفـراد الاجتماعيـن، وهـم الفاعل ـون الجـدد فـي المجـال العمومـي الميدياتيكـي. ولا تل ـو هـذه البيئ ـة مـن وجـود جي ـل جدي ـد م ـن الذب ـاب، مناس ـب للأط ـر الحقيقي ـة والافتراضي ـة لمجتمع ـات الق ـرن الحـادي والعشـرين. ذبـاب إلكترونـي وآخـر اجتماعـي يعمـ ن بقـوة علـى إقـرار الإثبات عنـد الاقتضـاء، وإقـرار الإبطـال متـى اسـتدعى الأمـر ذلـك، وعلـى إدارة معـارك الحـق ـا. ّ ً ـا ودولي ّ ً والباطـل بم ـا يخـدم المقاصـد الاتصالي ـة والسياسـية للق ـوى الفاعل ـة إقليمي ومــن أبــرز الأحــداث المشــحونة بهديــر الذبــاب، بشــقيه الإلكترونــي والاجتماعــي، جـدر ذكـر الحـرب الدائـرة فـي كل مـن اليمـن وسـوريا وليبيـا، وحصـار دولـة قطـر، َ ي وعمليـات ضـرب المقاومـة فـي فلسـطي المحتلـة، وتشـويه المسـار الديمقراطـي فـي تونس. أحـداث وأوضـاع مسـتقلة فـي الظاهـر، ولكنهـا خارجـة مـن مشـكاة واحـدة. وليـس مـن قصدنـا، فـي دراسـة الحـال شـرح أسـبابها وتجلياتهـا وأبعادهـا، إنمـا نسـعى لبيـان كي ـف يكـون ال ـرأي الع ـام خلاصـة المع ـادلات الكمي ـة المتكـررة ف ـي الزمـن والقائمـة عل ـى الاسـتقطاب والتزامـن والتفاعـل. يعم ـل الذب ـاب الإلكترون ـي عل ـى تحقي ـق المعادل ـة الكمي ـة الأساس ـية ف ـي بن ـاء ال ـرأي وتوجيهـه علـى النحـو الـذي يخـدم مصـالح المراكـز المهيمنـة فـي المجتمـع، وذلـك عبـر أسـاليب ميدياتيكيـة مختلفـة تـراوح فـي الغالـب بـن التغريـد المتناعـم والتعليـق المكثـف
Made with FlippingBook Online newsletter