109 |
رؤية جمال حمدان للجغرافيا السياسية الليبية ودلالاتها الاستراتيجية الباقية
لــع َّ السياســية الألمانــي، فريديــك راتــزل، الــذي تحدثنــا عنــه مــن قبــل، فقــد اط .)76( حمــدان علــى مؤلفــات راتــزل وأحــال عليهــا باللغتــن الألمانيــة والفرنســية ا مـن الشـوفينية العرقيـة التـي سـادت ألمانيـا فـي خواتيـم ً والظاهـر أنـه أخـذ عنـه شـيئ ـا، ً ا عميق ً ا بهـا تأثـر ً القـرن التاسـع عشـر وبواكيـر القـرن العشـرين، وكان راتـزل متأثـر ). وقـد أشـرنا 77( فلاحـظ دارسـو تراثـه ميلـه إلـى العنصريـة والداروينيـة الاجتماعيـة ف ـي بداي ـة هـذه الدراسـة إل ـى ضـرورة تجن ـب الخطاي ـا الكلاسـيكية ف ـي الجغرافي ـا ـا الجبري ـة المكاني ـة، والمركزي ـة العرقي ـة. ً السياسـية، خصوص ولــو أنصــف حمــدان لاعتــرف بــأن كلا الشــعبي، العربــي والتركــي -وغيرهمــا مـن الأق ـوام المسـلمة- كان ل ـه إسـهامه ف ـي الحضـارة الإسـ مية. ويكف ـي لإدراك هـذه الحقيقـة أن يتأمـل المنصـف حديـث ابـن خلـدون عـن الأتـراك وجهدهـم فـي ـن سـلطان العرب، َ حمايـة حـدود الحضـارة الإسـ مية وتجديـد نضارتهـا، بعـد أن وه وبالـذات فـي مصـر التـي ينتمـي إليهـا حمـدان ويعشـق أرضهـا مـن أعمـاق قلبـه. واسـتمع إل ـى اب ـن خل ـدون فـي هـذا التأمـل العمي ـق: “حت ـى إذا اسـتغرقت الدول ـة يـت الدولـة بكفـرة التتـر ِ م ُ أثـواب البـ ء والعجـز، ور ْ فـي الحضـارة والتـرف، ولبسـت الذيـن أزالـوا كرسـي الخلافـة، وطمسـوا رونـق البـ د، وأدالـوا بالكفـر عـن الإيمـان، ات، والاسترسـال َّ ـم، والتشـاغل فـي اللـذ ُّ هـا عنـد الاسـتغراق فـي التنع َ بمـا أخـذ أهل لـدة ِ ـل الهمـم، والقعـود عـن المناصـرة، والانسـ خ مـن ج ُ فـي التـرف، مـن تكاس بإحيـاء َ الإيمـان َ تـدارك ْ البـأس وشـعار الرجوليـة. فـكان مـن لطـف الله سـبحانه أن وتَلافــى شمــلَ المســلمين بالديــار المصريــة، بحفــظ نظامــه، وحمايــة قــه، َ رم وقبائلهـا العزي ـزة المتوافـرة، سـياجه، ب ـأن بعـث لهـم مـن هـذه الطائفـة التركي ـة، فـي خلقـه َ ، ولطائـف ً مـن الله تعالـى سـابقة ً .. . عنايـة ً ا متوافيـة ً ، وأنصـار ً حاميـة َ أمـراء
Made with FlippingBook Online newsletter