العدد 8 – نوفمبر/تشرين الثاني 2020

| 130

مقدمة ا فـي دور ومكانـة الولايـات المتحـدة الأميركيـة، ً ـا مطـرد ً يشـهد النظـام الدولـي تراجع فعل ـى الرغ ـم م ـن كونه ـا لا ت ـزال الق ـوة الكب ـرى ف ـي العال ـم، فــإن هيمنته ـا ف ـي تراجــع مســتمر منــذ مــا لا يقــل عــن عقــد ونصــف؛ إذ إن قدرتهــا علــى فــرض ل ِّ ج ـه نح ـو المزي ـد م ـن التراج ـع. وتش ـك َّ ا، وه ـي تت ً ـا تراجع ـت كثي ـر ّ ً خياراته ـا عالمي الصـن التهديـد الأساسـي لهيمنـة الولايـات المتحـدة العالميـة، فقـد شـهد العقـدان للقــوة الاقتصاديــة الصينيــة، وترافــق ذلــك مــع زيــادة ً ا متصــ ً الماضيــان تصاعــد وزنهــا السياســي علــى المســتوى الدولــي، فيمــا يتعاظــم تعــارض مصالحهــا مــع مصـالح الولايـات المتحـدة بفعـل توجههـا لاسـتعادة دورهـا كقـوة عالميـة عظمـى. وكانـت اسـتراتيجية “مراكمـة القـوة مـن مناطـق خفيضـة”، والتـي وضعهـا الرئيـس الصينـي الأسـبق، دينـغ شـياو بينـغ، قـد أثمـرت فـي تعزيـز قـوة الصـن الاقتصاديـة ـا لرؤيـة ً إلـى أن وصلـت إلـى مسـتوى لا تسـتطيع فيـه الاسـتمرار بتلـك السياسـة، وفق ع مـن التوجـه نحـو اسـتثمار َّ الرئيـس الصينـي الحالـي، شـي جـن بينـغ، الـذي سـر القـوة الاقتصاديـة لبنـاء القـوة الاسـتراتيجية فـي المجالـن السياسـي والعسـكري وفـي تعزيـز قـوة النمـوذج الصينـي كأسـاس للقـوة الناعمـة. وهن ـا، يب ـرز الس ـؤال الإش ـكالي للبح ـث ال ـذي يحــاول النظ ـر ف ـي تأثي ـرات ه ـذه القــوة الصينيــة المتصاعــدة خــ ل العقديــن الماضيــن علــى المســرح الدولــي: مــا تشـير َ تأثيـر الصعـود الصينـي والتراجـع الأميركـي علـى شـكل النظـام الدولـي؟ وإلام المؤشــرات الاقتصاديــة والجيوســتراتيجية بهــذا الخصــوص؟ ــا مــن التداعيــات المحتملــة للصــراع بــن الصــن ً ويســتمد البحــث أهميتــه انطلاق والولايــات المتحــدة الأميركيــة وآثــاره السياســية والاقتصاديــة علــى جميــع دول العالـم، ممـا يسـتدعي تركيـز البحـث علـى استشـراف مسـتقبل هـذا الصـراع، بهدف

Made with FlippingBook Online newsletter