شــهدت نموًّا كبيرًا للعمل األهلي والمدني بمحاذاة الفاعلية المحدودة لتحالف العشــر، خاصة فيما يتعلق بعنوان حق العودة ولجانه ومؤسســاته. وفي الوقت الذي تبلور فيه الموقف السوري واللبناني كبلدين مضيفين حيال تحوالت ما بعد أوســلو، فإن البلد المضيف الثالث واألكبر لالجئين الفلســطينيين، األردن، بقي مســتمرًّا في معالجاته الحذرة والحساســة لدور الفلسطينيين على أرضه انطالقًا مــن االضطراب المحتمل لهذا الدور على تعريف الهوية الوطنية األردنية، وهو موقف ربما يمثِّل ثابتًا في السياســة األردنية منذ بداية سبعينات القرن الماضي؛ حيــث تطور نقاش هوية الســلطة والمقاومة حينها بيــن الفدائيين والملكية إلى صراع دموي بين األشقاء. هناك حــراك الفت ومؤثر في الخارج لمنظمات المجتمع المدني، خاصة الحقوقية في الغرب، إال أنها ال تبدو فاع ًل قائمًا ذا شــخصية ورؤية سياســية في الخارج ((( محــددة. ولذلك، فإن فهم حــراك المجتمع المدني الفلســطيني قــد يكون أكثر جدوى في دراســته كظاهرة ناتجة عــن مواقف ورؤى الفاعلين السياسيين اآلخرين أكثر من كونه فاع ًل قائمًا بذاته؛ إذ إن اعتباره فاع ًل سيجعل من تعريف حدود هذا الفاعل ورؤيته وموقفه أمرًا متعسرًا لعدم توافر إطار عمل واحــد ومحدد يحكم دور هذه المؤسســات، والتــي تعمل أحيانًا في اتجاهات سياسية متعارضة. ويرتبط معظمها أص ًل بتوجهات ورؤى الفاعلين اآلخرين، أو أنها تعمل كنتيجة أو رد فعل على رؤى أخرى. والخالصة في هذا الســياق أن الرؤى السياســية للنضال الفلسطيني يمكن أن تعرِّف الفاعلين األساســيين في نضال الفلســطينيين في الخارج بشكل أكثر تحديدًا، وفي شــقين: فلســطينيًّا، ويتمثــل بمنظمة التحرير الفلســطينية، حركة حماس، وتحالف الفصائل العشر. وعربيًّا، يتمثل بالدولة المضيفة لالجئين، وهي األردن وســوريا ولبنان. وكل هذه الرؤى بعد أوســلو لم تشكِّل أساسًا لمشروع وطني يستعيد دور الخارج، الذي لم يحصل بدوره على وزن كاف لحجز حيز مهم في أجندات الفاعلين األبرز فيما يخص النضال الفلسطيني في الخارج.
المجتمع المدني هنا تعبير مجازي عن األشكال النضالية الفلسطينية السلمية خارج إطار الفصائل ((( والمؤسسات السياسية الفلسطينية.
121
Made with FlippingBook Online newsletter