النضال الفلسطيني

. هَبَّة مايو/أيار وسيناريوهات المستقبل 4 في مقابل محاوالت التوفيق بين الهوية الفلسطينية وخطاب المواطنة الذي طرحه الفلسطينيون في الداخل عبر نخبهم وأحزابهم وتبني منطق الخط األخضر الجيوسياســي والتمسك به، كانت حكومات إسرائيل تتعامل مع الخط األخضر كحاجز فصل يعمل باتجاه واحد حصري: اتجاه الفلســطينيين. وكان هذا الخط -وما زال- يُســتخدم بحرص شــديد ليفصل بين الفلســطينيين الذين يحملون الجنسية اإلسرائيلية وبقية الفلسطينيين، وفي حال جرى تجاوزه عبر الزواج بين الجانبين عل سبيل المثال يجري تصليبه بقانون منع لم الشمل ثم الحقًا بقانون المواطنة. وبالطبع، هذا الخط غير قائم فيما يتعلق بالسكان اليهود، فهم يشكِّلون ذاتًا قانونية واحدة (مواطن) أينما كانوا بين النهر والبحر، والدولة دولتهم. في هذا السياق جاءت الهبَّة على خلفية تضييق حيز المواطنة المستمر وزيادة " األنوية التوراتية " تغول اليمين وتعميق المنطق االستيطاني كما تجلَّى في ظاهرة ودورها االســتيطاني التهويدي في قلب المدن الساحلية المختلطة، وفي دخول الميليشيات المسلحة -وعربدتها تحت أعين الشرطة- إلى المدن المختلطة تحت على ربط الميليشيات المسلحة 48 ادعاء حماية السكان اليهود. اعتاد فلسطينيو ، لكن مع الهبَّة األخيرة، وألول مرة منذ 67 بالمستوطنين في األراضي المحتلة النكبة، يشهد فلســطينيو الداخل انتشارًا لميليشيات وجماعات استيطانية منظمة ومسلحة بلباس مدني في مدنهم، وتعرضوا إلى هجمات وتنكيل من قبلها دون تدخل من الشرطة، وبتحريض إعالمي كبير ضدهم. أعادت هبَّة مايو/أيار موضعة فلسطينيي الداخل جزءًا من الفضاء الفلسطيني العام الموحد، وتجاوزت الخط األخضر وما يتبعه من محاذير خطًّا فاص ًلً، لكن يقابلها ويوازيها في ذات الوقت تصاعد تيار على النقيض منها، يســعى بالذات إلى تصليب الخط األخضر وســط تبني خطاب اندماج غير مســبوق لفلسطينيي الداخل، يشــدِّد على المواطنة اإلســرائيلية ويهجر الخطاب الوطني القومي أو على األقل يقلِّصه لحده األدنى. هذا التيار جسَّده دخول القائمة العربية الموحدة لالئتالف الحكومي اإلسرائيلي، واندماج شخصيات فلسطينية من الطبقة الوسطى في أحزاب صهيونية (ميرتس والعمل)، ويعمل على أســاس االندماج في البنية

153

Made with FlippingBook Online newsletter