بمعزل عن الواقع الفلسطيني وتأثيرها فيه، وال يجب االفتراض أنها معزولة عن تطورات الســياق واألحداث والرؤى للطرف اآلخر، فقد شكَّلت طبيعة النضال الفلســطيني وتطوراته حالة تحد للسلطات اإلسرائيلية التي ظن بعض سياسييها أن الهزيمة والقوة العســكرية الكبيرة التي اســتخدمتها وتســتخدمها إســرائيل، ستهزم الفلسطينيين ضمن سياسة اإلخضاع بالقوة، وهذه السياسة رافقت العمل السياســي اإلسرائيلي لســنوات، لتتبدل بسياســة فرض الواقع، حتى تصل إلى االحتواء واالنفصال، وفقًا للسياقات المختلفة. بالمقابل، فإن موقف القوى الفلســطينية وعالقتها بالسياســات والخطوات أو 1967 التي تقوم بها الســلطات اإلســرائيلية، سواء في األراضي المحتلة عام داخل الخط األخضر، هي عالقة تبادلية. بمعنى أنها ضمن فعل ورد فعل لتسير في حلقة دائرية يحاول كل فريق أن يكســب فيها نقاطًا في ســبيل تعزيز وضعه في هذا الصراع الصفري. فلسطينيو الداخل بين فكي التشريعات وحكم الواقع شكَّل الفلسطينيون الذين استطاعوا البقاء في أرضهم عقب النكبة، أي في ، تحديًا لها، وتحديدًا من حيث إيجاد السياسات " إسرائيل " التي أسستها " الدولة " المناسبة في تعاملها معهم. ولتنطلق بسياسات أمنية تعتبرهم في األساس خطرًا أمنيًّا، ومن ثم لتتطور وفقًا لتطور األحداث المحلية واإلقليمية. وفي هذا السياق، يمكن قراءة السياسات اإلسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الداخل من خالل ثالث محطات مركزية: األولى: الحكم العسكري وسياسة الضبط. الثانية: من خالل سياسة السيطرة ويمكن رؤية تجلياتها في وثيقة كينغ. الثالثة: من خالل سياسة االحتواء بإدخالهم في الكنيست (إلى حد معين) والحكومة. هذه السياســات بمراحلها المختلفة اتسمت بالتداخل ضمن محطات زمنية مختلفة، واستخدمتها إسرائيل، وال تزال، بشكل متزامن. عقب المحطــة األولــى: الحكم العســكري وخيــار الصمــود الصامت: النكبة وإعالن دولة إســرائيل فرضت الســلطات اإلســرائيلية حكمًا عســكريًّا
164
Made with FlippingBook Online newsletter