والمدني في خطاب فلسطينيي الداخل، الذي ينادي بالمساواة والقضايا المدنية وتحصيل الحقوق والمطالب الحياتية، وقد يشــهد هذا التوجه تراجعًا نسبيًّا من حين آلخر تبعًا لألحداث السياسية المختلفة واستحقاقاتها، في حين أن الخطاب اآلخر، الذي يطرح أجندات وطنية وهوياتية، بقي موجودًا وربما يتصاعد أحيانًا. وبالعــودة للســنوات األخيرة، فقد مثَّلت مشــاركة القائمــة الموحدة في الحكومة اإلسرائيلية السادسة والثالثين، مرحلة مهمة في إعادة تجربة المشاركة السياســية في الحكومة اإلســرائيلية ولكن بانخراط أكبــر من خالل االنضمام للتوليفة الحكومية وليس فقط دعمها من الخارج كما كانت الحال مع الجســم المانع. وهذا يتوافق مع مساعي بعض السياسيين اإلسرائيليين إلدماج فلسطينيي الداخــل، وإن كان ذلــك يترافق مع صراعات وعدم اتفــاق بين األُطر الحزبية اإلســرائيلية المختلفة وذلــك ارتباطًا بمصالحها االنتخابية ورؤيتها السياســية. وهــذا اإلدمــاج مرتبط بثالثة مقومــات: أو ًلً: محاولة جر الخطاب السياســي العربي في الداخل إلى الخطاب المقبول إســرائيليًّا إلى حد ما، المتنكِّر لســياق النضال الفلســطيني في الضفــة الغربية وغزة، ليكون خطــاب الداخل مقتصرًا على التعاطف المحدود. ثانيًا: تســعى إســرائيل من خالل سياساتها إلى تقسيم وخطاب معتدل، مع حرصها " متطرف " فلسطينيي الداخل، إلى أصحاب خطاب علــى عدم تبنيهم الخطاب الوطني الفلســطيني، وكذلــك إبعادهم عن أي فعل مناصر لمقاومة سياسات االحتالل اإلسرائيلي. ثالثًا وأخيرًا: التشديد على األمور المطلبية الخدماتية بعيدًا عن الخطاب السياسي المنبثق من المواطنة أو من كون الفلســطينيين في الداخل أصحاب الوطن. علمًا بأن هذا التوجه اإلسرائيلي كان أيضًا ضمن إكراهات سياسية داخلية إسرائيلية. المكونــات الســابقة للخطاب المقبول إســرائيليًا انعكس على سياســات بالحلبة السياسية، وحتى على سياسات إسرائيل في التعامل مع العمل " اإلدماج " السياســي العربي في الداخل، لتقوم إســرائيل من خاللها بالفرز والتمييز بين ما هو تطرف واعتدال وفقًا لهذه السياســات، ولتقرر طبيعة المواقف ومســتويات الخطاب الذي يمكن أن تقبل به، بل وحتى تســاهم في صياغته ضمن سياســة العصا والجزرة. فالملتزم بهذا الخطاب يصبح أكثر تأثيرًا (وإن بأمور محدودة) واآلخر مالحق، مع التأكيد على أنه ال يوجد إجماع صهيوني على ذلك وهناك
171
Made with FlippingBook Online newsletter