النضال الفلسطيني

ترجم صعود اليمين للسلطة في إسرائيل بازدياد وتصاعد حدة العنف ضد الفلســطينيين كما تجلى خالل الحروب التي شــنت في السنوات األخيرة على غزة، وبرفض أي حق للفلســطينيين بإقامة دولتهم المســتقلة وفق حل الدولتين والسعي الدائم لزيادة االستيطان والضم في الضفة الغربية والتنصل من أي عملية سلمية. تنتهج إسرائيل سياسة األمن بأقل تكلفة، من االرتباط ونقضه إلى الحصار: فــك االرتباط حينًا، وتقوم بتوثيق االرتباط بالفلســطينيين (من خالل التنســيق األمني) حينًا، وتعتمد سياســة الحصار حينًا آخر، وهذه التوجهات باعثها حفظ األمن اإلســرائيلي بأقل تكلفة، وهو ما كان من خالل أوســلو وترافق مع بداية ســنوات العقد األول من القرن الحالي بفك االرتباط عن غزة (االنســحاب من غزة) وحتى حصارها. في حين كان بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية تأصي ًل لفك االرتباط. هذه السياسة تعني أن إسرائيل تسعى لتطبيق سياسة تخفف من خاللها عن كاهلها ، وإدارة 1967 عبء وجودها المباشــر في األراضي الفلســطينية المحتلة عــام الصراع مع الفلســطينيين بشــكل يخفف عليها من العبء العسكري والخسائر، فكان االنسحاب من غزة بعدما أصبح القطاع يشكِّل عبئًا سكانيًّا وأمنيًّا إسرائيليًّا. وهذا التوجه يتبدى من خالل الهُدن التي تعقدها سلطات االحتالل مع الفصائل الفلســطينية ضمن معادلة عدم التصادم المكلِّف وحفظ وجود ســلطة في غزة تخفــف عبء االحتالل المباشــر له. وترافق أيضًا مــع معاقبة القطاع والحفاظ على سيطرة إسرائيلية عليه من خالل الحصار االقتصادي. بالطبع، إن فك االرتباط في غزة غير بشكل كبير شكل نضال الفلسطينيين هناك، فقد ســاهم في تطوير الفصائل الفلســطينية لقدراتها القتالية بشــكل كبير وساهم في التعزيز من قدراتها الصاروخية، ليشكِّل ذلك تحوًل كبيرًا في طبيعة الصراع. ولكن بنفس الوقت ســاعد ذلك إســرائيل على عزل القطاع عن العالم الخارجي من خالل الحصار الخانق عليه. هذه السياسة اإلسرائيلية ترافقت مع إدراك اإلســرائيليين أن هناك ســلطة في غزة، وهذه الســلطة ستكون حذرة في تعاملها وفي مقاومتها لالحتالل اإلسرائيلي مراعاة لمسؤوليتها عن السكان الذين

176

Made with FlippingBook Online newsletter