النضال الفلسطيني

يعني تراجع سياسات الضم واالستيطان خاصة مع استمرار صعود اليمين ورؤاه في السلطة ولدى الجمهور اإلسرائيلي. هذه السياسات اإلسرائيلية وإن نجحت في جوانب فإنها فشلت في أخرى، ويبدو أن هامش التأثير اإلســرائيلي وفي تبنيه لسياســة دون أخرى، يبدو معقدًا في مقاربة الواقع الفلســطيني المعقد أو مواجهة حاالت المقاومة الفلســطينية المختلفة، حيث هناك فلســطينو الداخل، وفلســطينيو الضفة الغربية، وفلسطينو غــزة، وهكذا تبعًا لطبيعة حضور إســرائيل في كل منهــا والهامش الذي تعمل به. ففي ســياق فلســطينيي الداخل، هناك إكراهات تجعل السياسات اإلسرائيلية مضبوطة بالسياق السياسي والهامش المدني الذي تريد إسرائيل أال تتجاوزه لكي ال تتفجر األمور في وجهها داخليًّا وكي ال تجلب على نفسها نقدًا دوليًّا. فيما في غزة، تخضع السياســات اإلسرائيلية إلكراهات األمن وتخشى من تفجر حروب متتالية هناك وتكون لها تبعاتها على المجتمع اإلسرائيلي. فيما في سياق الضفة الغربية تبقى السياسات اإلسرائيلية مضبوطة برغبتها في عدم تفجُّر األمور هناك، ولعدم إرادتها تحمل عبء االحتالل المباشر مرة أخرى، ناهيك عن خشيتها من الردود الدولية. وبالتالي فالمحدد اإلســرائيلي وإن كان ما زال يلعب دورًا في اختيار الفلســطينيين لنضالهم، فإنه بقدر ما هو محدد فهو أيضًا يخضع لعوامل بنيوية، ومصلحية، وواقعية، ودولية. والخالصة أن المحدد اإلسرائيلي عامل مهم في صياغة النضال الفلسطيني، ويبدو أن هذه السياسات اإلسرائيلية التي استخدمتها إسرائيل لسنوات في تعاملها مع الفلســطينيين ستســتمر ما دامت ترى أنها ناجعة، إال أن الدائرة المفرغة من عدم وجود حل للقضية الفلســطينية وحقيقة اســتمرار النضال الفلسطيني وعدم خضوعه الكامل للسياسات اإلسرائيلية، ستشكِّل حالة تحد للسياسات اإلسرائيلية ويمكن أن تتطور إلى حالة انفجار واسع لن تستطيع إسرائيل بالضرورة ضبطه. وبالتالــي، فــإن النضال الفلســطيني سيســتمر رغم المحدد اإلســرائيلي وسياســات إســرائيل، ليكون مناورًا ضمن متغيرات الواقع القائم وترهل الحالة الفلســطينية، وســتكون تحوالته كلهــا مبنية على حقيقة أن الصــراع له جوانبه الهوياتية واأليديولوجية والرمزية إلى جانب المعركة من أجل األرض. وستتعزز

184

Made with FlippingBook Online newsletter