أو يدفع إسرائيل نحو انتهاج سياسة أكثر اعتدا ًل وأقل تشددًا تجاه الفلسطينيين، " ملحَّة " إال أنها ال تنكر أن باعثها األساس في ذلك هو تحقيق مكاسب لقضايا خاصة بها. أما الدول العربية المتحفظة نسبيًّا في تطبيع عالقاتها مع إسرائيل فهي غالبًا تلك التي أقامت عالقات معلنة أو غير معلنة أو عززتها في أعقاب أوسلو وفي سياقه. وكانت عالقاتها مع إسرائيل تشهد مدًّا وجزرًا، فتتراجع خاصة عند تدهور األوضاع في فلسطين أثناء التصعيد، وتتقدم في أوقات أخرى. في هذا السياق، شــهدت العالقات المصرية-اإلســرائيلية انتعاشــة ملحوظة بعد توقيع اتفاقيات ، فأبدت القاهرة تفهمًا نســبيًّا لصفقة القــرن وباتت أكثر انفتاحًا على " إبراهــام " التعــاون مــع تل أبيب وتطوير العالقات االقتصاديــة والتجارية معها. وقد عقد ، اتفاقية لتصدير الغاز اإلســرائيلي إلى أوروبا 2022 الطرفان، في يونيو/حزيران عبر مصر. ورغم التحفظات التي أبداها األردن على صفقة القرن، فقد أبرم اتفاقًا ، يتم بمقتضاه تبادل الماء بالكهرباء، 2022 مع إسرائيل، في ديسمبر/كانون األول بمشــاركة وتمويل إماراتيين. وســبب تحفظ هذه الدول في تطبيعها هو تأثرها المباشر بالقضية الفلسطينية وما يجري في فلسطين بحكم جوارها الجغرافي. ويمكن التعميم أخذًا باالعتبار منذ بدء مسار التطبيع في أوسلو حتى اليوم، أن معظم الدول العربية كان لديها أو ما زال لديها مســتويات متفاوتة ومتعددة من اللقاءات والعالقات مع إســرائيل، وتبدو المسافة بين التطبيع المتقدم وذاك المتحفظ كالمســافة بين اتفاق أوســلو وصفقة القرن. األول ربط الســ م بين العرب وإســرائيل تقدمًا وتأخرًا بمسار الســ م بين إسرائيل والفلسطينيين، في حين أن الثاني -أي صفقة القرن- فصل بينهما. وهذه المســافة نفسها هي التي عن السلطة الفلسطينية، " اإلبراهيمية " فصلت الدول الموقِّعة على اتفاقات السالم البناء على الواقع كما هو وتوقيع اتفاقات سالم وتطبيع " صفقة القرن " ألن جوهر مع الدول العربية واإلســ مية بســياق منفصل عن نتائج ومســار المفاوضات اإلسرائيلية-الفلســطينية بل وأحيانًا بضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بها. وفصل المســارات هذا حتمًا يضعف الســلطة ويجردها من قوة الدعم العربي، ويضفي الشــرعية الواقعية على الوضع القائم ويطبع معه. وهذا يعني أن مبادرة الســ م العربيــة فــي بيروت لم تعد تحتل مكانة مركزية لــدى العرب، ولم تعد موجِّهًا
23
Made with FlippingBook Online newsletter