. قبل هذه التطورات لم يكن الفعل النضالي المسلح في غزة -الذي " فتح " حركة كان ذا قــدرات متواضعة- يخضع العتبارات جغرافية. فحماس التي مارســت العمل المسلح من منطلق تجسيد التزاماتها األيديولوجية وانسجامًا مع تصورها أن النضال المســلح يمثل الســبيل إلى تحرير فلسطين، كانت تستهدف الوجود العســكري لالحتالل ومشروعه االســتيطاني في القطاع وخارجه؛ فض ًل عن أن الكثير من العمليات العســكرية كانت تبررها بالرد على ممارسات االحتالل في الضفة الغربية والقدس وتجاه األسرى الفلسطينيين في سجونه. وقد ســمحت ســيطرة حركة حماس على القطاع لها وللفصائل األخرى بتطوير إمكانياتها العسكرية بشكل كبير؛ سيما على صعيد بناء ترسانة صاروخية، أحدث تحو ًل كبيرًا في قدراتها الحربية واتجاهات الفعل النضالي المسلح. لكن انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وسيطرة حماس المطلقة عليه أفضى إلى نتيجتين " الشرعية " في كل ما يتعلق بالنضال المسلح؛ حيث نزع االنسحاب " ســلبيتين " في اســتهداف العمق اإلســرائيلي في نظر الكثير من القوى " حق المقاومة " عن الدولية الفاعلة، التي قبلت حُجَّة إسرائيل بأنها انسحبت من قطاع غزة وبالتالي فــإن إطــ ق الصواريخ عليها يعد اعتــداء عليها وانتهاكًا لســيادتها، وعزَّز في الداخلية في إسرائيل الستخدام قدر غير متناسب من القوة " الشرعية " المقابل، في الرد على عمليات المقاومة عبر اســتهداف مقدراتها العســكرية واللوجستية والمرافق العامة. وتحرص إســرائيل على تكبيد حمــاس أثمانًا باهظة ردًّا على ســلوكها العسكري -الذي تمارسه وبقية الفصائل في القطاع- وبوصفها الجهة التي تملك السلطة هناك؛ ولتدفع بهذا نحو تآكل قدراتها العسكرية؛ ولتدفع بها إلى الضغط على الفصائل األخرى لوقف نشــاطاتها الحربية. إلى جانب ذلك، فإن ســيطرة حماس على غزة منحت إســرائيل، التي تتحكم في المنافذ البرية والبحرية للقطاع، الفرصة لممارسة الضغوط عليها عبر تشديد الحصار؛ وهو ما فاقم األوضاع االقتصادية واإلنســانية على السواء، وانعكس سلبًا على الجمهور الفلســطيني في القطاع. وأســهم الحصار اإلســرائيلي وما تبعــه من تداعيات اقتصادية وإنسانية في تقدم االعتبار الجغرافي كمكوِّن من االعتبارات التي تحكم وتيرة واتجاهات عملها النضالي المسلح. ففي إطار مراعاة األوضاع االقتصادية واإلنسانية للجماهير الفلسطينية في غزة، تتجنب حركة حماس، في الغالب، تنفيذ
69
Made with FlippingBook Online newsletter