أما فيما يتعلق باستشراف اتجاهات النضال الفلسطيني في غزة وجدواه في المستقبل، فيمكن اإلشارة إلى ثالثة سيناريوهات: األول: أن تعود حماس إلى ربط مناشط نضالها المسلح فقط بأنماط السلوك اإلســرائيلي ضد غزة والحصار المفروض على القطاع؛ كما كانت عليه األمور . وفق هذا الســيناريو ال تشكِّل غزة تحديًا لسياسات 2021 قبل حرب مايو/أيار االحتالل في الساحات الفلسطينية األخرى؛ وتحديدًا في الضفة الغربية والقدس؛ ولن تسهم في تغيير الواقع االقتصادي واإلنساني لحاضنة النضال الجماهيرية في القطاع؛ على اعتبار أنه يرجح أن تنتهي الحروب وجوالت التصعيد الكبيرة التي يمكن أن تســفر عن المناشــط الحربية لهذا النضال عن صيغ مشابهة لتفاهمات التهدئــة التــي جرى التوصل إليها ســابقًا؛ والتي لم تتعــاط مع نتائج الحروب وتحديات الحصار. ؛ وتربط مجددًا نضالها " غزة/القدس " الثاني: أن تتشــبث حماس بمعادلــة المسلح في المستقبل بسلوك االحتالل في الساحات الفلسطينية األخرى. يرجح أن يســهم هذا الســيناريو في الحفاظ على القضية الفلسطينية وتوحيد ساحات النضال الفلســطيني وتســليط األضواء على ممارسات االحتالل وخطورتها في عموم الســاحات الفلسطينية، ويرفع الروح المعنوية للفلسطينيين في كل أماكن وجودهــم ويعــزز من قيمــة النضال في وعيهم الجمعــي. لكن في حال ظلت الظــروف الداخلية واإلقليمية الســائدة حاليًّا على حالهــا، فإن قدرة نضال غزة ستكون محدودة، من حيث اإلسهام في إحداث تحول على توجهات االحتالل من الصراع وإجباره على أن يتراجع عن سياســاته في الســاحات الفلســطينية األخرى. فبقاء الظروف الداخلية على حالها يعني بقاء ساحة النضال في الضفة الغربية خاملة؛ وهذا يمكِّن إســرائيل من االنفراد بغزة واســتغالل فائض قوتها العسكرية ضدها؛ مع كل ما يترتب عليه األمر من تكبد خسائر كبيرة في األرواح وإلحاق دمار كبير بالممتلكات والبنى التحتية. وهذا يزيد من فرص أن تنتهي أية حرب أو مواجهة عسكرية مستقب ًل تندلع إثر تشبث حماس بنفس المعادلة إلى ؛ أي اتفاق تهدئة غير مباشــر يعالج بعض 2021 ما انتهت إليه حرب مايو/أيار مظاهر الحصار على القطاع دون أن تقدم إســرائيل أية التزامات بشــأن التراجع عن سياساتها في القدس والضفة.
83
Made with FlippingBook Online newsletter