صدر العدد الثاني (يوليو/تموز 2023) من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام متضمنًا ملفًّا بحثيًّا يُقارب دور شبكات التواصل الاجتماعي في الاستقطاب الأيديولوجي وانعكاساته الثقافية والاجتماعية ونتائجه السياسية. ويمثِّل هذا العمل البحثي مخرجات المؤتمر العلمي الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراسات بالشراكة مع قسم الإعلام بجامعة قطر، يومي 1 و2 مارس/آذار 2023، بعنوان "شبكات التواصل الاجتماعي والاستقطاب الأيديولوجي: علاقة القوة والتأثير الثقافي والاجتماعي"، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والباحثين المتخصصين.
ﻟﺪراﺳﺎت اﻻﺗﺼﺎل واﻹﻋﻼم ALJAZEERA FOR COMMUNICATION AND MEDIA STUDIES دورﯾﺔ ﻧﺼﻒ ﺳﻨﻮﯾﺔ ﻣﺤﮑﻤﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﺮﮐﺰ اﻟﺠﺰﯾﺮة ﻟﻠﺪراﺳﺎت 2023 – ﯾﻮﻟﯿﻮ/ﺗﻤﻮز 2 اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﯽ – اﻟﻌﺪد
هﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ اﻟﻌﻨﻮد أﺣﻤﺪ آل ﺛﺎﻧﻲ أ.د. ﻟﻘﺎء ﻣﮑﻲ د. ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺼﻤﺎدي د. ﺳﯿﺪي وﻟﺪ اﻷﻣﯿﺮ د. ﺷﻔﯿﻖ ﺷﻘﯿﺮ د. ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﻤﺎدي د. اﻟﺤﺎج ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﻮاس ﺗﻘﯿﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺎﻃﻲ ﯾﺎرا اﻟﻨﺠﺎر رﺋﯿﺲ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻣﺤﻤﺪ اﳌﺨﺘﺎر اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﯿﺲ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻋﺰ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺒﺪ اﳌﻮﻟﯽ ﻣﺪﯾﺮ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮاﺟﻲ
اﳌﺮاﺟﻊ اﻟﻠﻐﻮي إﺳﻼم ﻋﺒﺪ اﻟﺘﻮاب
ملف خاص: شبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب ) 1( األيديولوجي
Special Dossier: Social Media and Ideological Polarisation (1) Manuel Castells Social Media and Political Polarisation
مانويل كاستلز شبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب السياسي
21
نبيل دجاني البنية األخالقية والقانونية ملجال عام عادل لشبكات التواصل االجتماعي نور الدين امليالدي - أنوار العريف الحرب ىلع السردية الفلسطينية: محاصرة املحتوى الفلسطيني ىلع شبكات التواصل االجتماعي محمد الراجي إستراتيجيات شبكات التواصل االجتماعي يف إنتاج األيديولوجيا والهيمنة الخطابية: دراسة بنية الخطاب اإلسرائيلي ىلع تويتر وفيسبوك معتصم بابكر مصطفى شبكات التواصل االجتماعي وتأثيراتها يف تنامي الخطاب الشعبوي وأيديولوجياته: السودان نموذجًا
Nabil Dajani Ethical and Legal Structure for a Just Social Media Public Sphere
31
Noureddine Miladi - Anwar Alorfe The War on the Palestinian Narrative: Obstructing Palestinian Content on Social Media Mohamed Er-raji The Strategies of Social Media in Producing Ideologies and Discursive Domination: A Study of Israeli Discourse on Twitter and Facebook Mutasim Babiker Mustafa The Impact of Social Media on the Growth of Populist Discourse and its Ideologies: Sudan as A Case Study
47
73
123
Fatma Elzahraa Elsayed The Aspects of Ideological Polarisation between Muslims and Hindus on TikTok (September 2021- December 2022) Nacer-Eddine Layadi Social Media and Political Polarisation: Obstacles to the Shift to a Public Sphere in the Arab World Hicham El Makki Social Media: From Content Ethics to Ethical Design: Facebook as an Example
فاطمة الزهراء السيد أوجه االستقطاب األيديولوجي بين املسلمين والهندوس ىلع منصة تيك - ديسمبر/ 2021 توك (سبتمبر/أيلول )2022 كانون األول نصر الدين لعياضي امليديا االجتماعية واالستقطاب السياسي: عوائق التحول نحو مجال عمومي باملنطقة العربية
175
205
هشام املكي شبكات التواصل االجتماعي: من أخالقيات املحتوى إلى التصميم األخالقي.. فيسبوك نموذجًا
241
دراسات وأبحاث
Studies and Research
عبد السالم رزاق النموذج اإلخباري لقناة الجزيرة: بنيته ودينامياته
Abdeslam Razak The News Model of Al Jazeera Channel: Structure and Dynamics
285
Jamel Zran - Abdullah Bakhash The Spiral of Silence in the Context of the New Communication Environment: A Study of the Formation of Public Opinion towards the Political Crisis in Yemen The Modern Media Dictionary Imad Bachir Research Contributions to the Modern Media Dictionary
جمال زرن - عبد هللا بخاش دوامة الصمت يف سياقات البيئة االتصالية الجديدة: دراسة يف تشكل الرأي العام نحو األزمة السياسية يف اليمن
315
املعجم اإلعالمي الحديث
عماد بشير مساهمة بحثية يف مشروع املعجم اإلعالمي الحديث
347
قراءة يف كتاب
Book Review
وائل عبد العال تأثيرات اإلعالم الرقمي
Wael Abdelal Digital Media Effects
375
رسائل جامعية
Academic Theses
يوسف خريف تلقي النخبة الجزائرية ملضامين قناة الجزيرة اإلخبارية واإلشباعات املحققة لديهم: دراسة مسحية ىلع عينة من األساتذة الجامعيين أمامة مصطفى اللواتي قناة الجزيرة ظاهرة إعالمية مغايرة: قراءة يف الخطاب زمن الحرب وما بعد الحرب ىلع العراق
Youcef Kherfi The Algerian Elite's Reception of Al Jazeera News Channel: A Survey Study on a Sample of University Professors Omama Mustafa Al Lawati A Divergent Media Phenomenon: A Reading into Al Jazeera’s Discourse during and after the Iraq War
395
425
7 |
افتتاحية العدد الوظائف اإلستراتيجية لشبكات التواصل االجتماعي وتأثيراتها الثقافية والسياسية تنشــر مجلة الجزيرة لدراســات االتصال واإلعالم في هذا العدد ملفًّا بحثيًّا يُقارب دور شــبكات التواصل االجتماعي في االستقطاب األيديولوجي وانعكاساته الثقافية واالجتماعية ونتائجه السياسية. ويمثِّل هذا العمل البحثي مخرجات المؤتمر العلمي 2 و 1 الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراسات بالشراكة مع قسم اإلعالم بجامعة قطر، يومي شبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب األيديولوجي: " ، بعنوان 2023 مارس/آذار ، بمشــاركة نخبة من األكاديميين والخبراء " عالقة القوة والتأثير الثقافي واالجتماعي والباحثين المتخصصين. فكما شغلت شبكات التواصل االجتماعي السلوك االتصالي للمســتخدمين (أفــرادًا وكيانــات) -بعد أن غيَّرت عاداتهم في اســتهالك المحتوى اإلعالمي ومألت المجال العام الرقمي- اســتأثرت أيضًا بانتباه الدارســين، وتعاظم االهتمام البحثي بها في المجتمع العلمي واألكاديمي خالل العقد األخير. جاء ذلك في سياق تتبُّع تأثير الشبكات االجتماعية في االجتماع السياسي والعمليات االنتخابية فــي عــدد من الدول، واســتقصاء دورها في التحوالت الجيوسياســية والصراعات واألزمات الدولية، حيث برزت مجا ًل وميدانًا للتنافس والصراع السياســي، وســاحة للمعركة بين القوى الدولية لتحقيق أهدافها السياسية واأليديولوجية. " فضاء إســتراتيجيًّا " لذلك اعتبرت بعض الدراســات شــبكات التواصل االجتماعي من أجل الهيمنة الســردية بين المتنافسين والمتصارعين، خاصة في إدارة الصراعات والنزاعات واألزمات الدولية؛ األمر الذي أنشــأ حالة من االســتقطاب األيديولوجي والسياســي بين هؤالء المتنافســين والمتصارعين دوليًّا بل وداخل الدولة الواحدة. بينمــا لجأت أطراف وكيانات معينة في ســياقات الصراع والحرب الرمزية والمادية إلى عَسْــكَرَة هذا الفضاء اإلســتراتيجي، وهو ما اصطلح بعض الباحثين على تسميته ، لدعم اآللة العســكرية والجهد الحربي ألطــراف الصراع في " العســكرة الرقميــة " محاولة للهيمنة الخطابية على المجال العام الرقمي عبر إغراقه بسردياته. وتشير هذه المتغيرات إلى تأثير التحوالت التكنولوجية، وفي صلبها شبكات التواصل االجتماعي
| 8
وشركات التكنولوجيا العالمية، على العالقات الدولية والشأن الداخلي للدول، سواء في الشــرق أو الغرب. لذلك فإن بنية وأنظمة اشــتغال شبكات التواصل االجتماعي ليست محكومة بمنظور وسائط نقل المحتوى وتوزيعه فقط، وليست حام ًل إلكترونيًّا/ -كما تصفها بعض الدراســات- تُنتِج " كيانات قوة " تكنولوجيًّــا محايــدًا، وإنما هي مضمونًا ثقافيًّا خاصًّا مثلما تنشــر ثقافة المســتهلكين والمنتجين، وتعمل على مراقبة عبر أنظمتها الخوارزمية. لكن " التملك االجتماعي للخطاب " عملية اإلنتاج الثقافي و تأثير الشبكات االجتماعية، وإنما " حتمية " في الوقت نفسه، فإن هذا التملك ال يعني تتشابك فيه عوامل مختلفة ومتعددة، كما يوضح البروفيسور، مانويل كاستلز، وغيره من األكاديميين والباحثين المشاركين في هذا الملف. وقد انعكس ذلك على انتشار مســاحات واسعة من التعصب والتطرف والعنف، وكذلك التطهير العرقي في بعض المناطق، فض ًل عن األدلجة بأشــكالها المختلفة، وتدني مســتوى التســامح والتنوع الفكري والثقافي. وكانت لهذه المظاهر وغيرها تأثيرات سلبية على حالة الديمقراطية واالســتقرار السياسي والتماسك االجتماعي ورأس المال االجتماعي والعقالنية في اتخاذ القرار، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي أو الدولي. وتبيِّــن حالــة االنغمــار الرقمي، التي أصبــح فيها وجود األفراد فــي المجال العام الرقمي أكثر أهمية من الفضاءات التقليدية، أن شبكات التواصل االجتماعي ستزداد قوة ونفوذًا في الفترة المقبلة. وســتدفع المجتمع البحثي والعلمي وجميع الفاعلين للتفكير في إشــكاليات وقضايا معقَّدة ترتبط بجهات مختلفة تبدأ بالشــبكات نفسها وأنظمتهــا الخوارزمية والذكاء االصطناعي وآليــات الضبط والتَّحكُّم في المحتوى، مرورًا بالمســتخدمين األفراد والجماعات والمنظمات والدول وســياقات التوظيف األيديولوجــي لهذه الشــبكات وعوامله وأســبابه ونتائجه، ثم عالقــة هذا التوظيف باالســتقطاب األيديولوجي والهيمنة الثقافية واالقتصادية. وسيتعمق البحث في دور شــركات االستشارات السياســية والوكاالت اإلعالنية في استغالل البيانات الضخمة التــي توفرهــا هذه الشــبكات للتأثير في الرأي العام المحلــي والدولي عبر الدعاية السياســية والتالعب الخطابي والتضليل المعلوماتي، ومحاولة هندســة المستخدمين لتكييف اختياراتهم مع أجندات الجهات الـمُمَوِّلَة ودور الذكاء االصطناعي في ذلك. ، ودوره المتعاظم في " الكيان القــوي " / " الفضاء اإلســتراتيجي " ونظــرًا ألهميــة هذا
9 |
عالقــات األفــراد والجماعات والهيئات والــدول وتأثيراته المختلفة في السياســة واالقتصــاد واالجتمــاع والثقافة واإلعالم وقطاعات أخرى متعــددة، كان طبيعيًّا أن يصبح مجا ًل حيويًّا للبحث والدراســة. وهو ما تشــهد عليه غــزارة اإلنتاج البحثي والفكــري وتنــوع المؤتمرات البحثية والعلمية خالل األعــوام القليلة األخيرة. وفي ســياق هذا الجهد المعرفي والعلمي لدراسة إشــكاليات استخدام شبكات التواصل االجتماعي، واســتقصاء دورها في إدارة الصراعات واألزمات الدولية، والبحث في العوامل والسياقات التي تحكم التوظيف األيديولوجي لشبكات التواصل االجتماعي، ركز المؤتمر العلمي الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراسات بالشراكة مع قسم اإلعالم بجامعة قطر -كما جاء في ورقته الخلفية (لماذا المؤتمر؟)- على القضايا الشــائكة المتعلقة بشبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب األيديولوجي ونتائجه االجتماعية والثقافية والسياســية. وانشغل بتشريح وتشخيص الموقف الراهن للتوظيف المتعمد للشــبكات االجتماعية من قبل الدول العظمى في مواجهة الدول الضعيفة، والدول المتقدمــة في عالقتهــا بالدول النامية، واألنظمة الســلطوية المختلفــة في عالقتها بالمحكوميــن المغلوبين علــى أمرهم. وكان الهاجس األكثر أهمية ألهداف المؤتمر هو كيفية النظر في مناهج ومقاربات علمية ونظم رقمية مســتحدثة إلدارة شــبكات التواصــل االجتماعي بأســلوب يضمن أعلى درجة من العدالة والشــفافية والنزاهة واألخــ ق تحول دون التالعب بعقول البشــر، أو فرض نمط من التفكير األحادي والنظــرة العالمية األحادية. وإجما ًلً، كيف يمكن إحالة أســطورة تكنولوجيا الحرية إلى واقع يعيشه الجميع من أجل عالم آمن ومتحرر ومتقدم. فــي إطار هذا الهدف، اهتم المؤتمر بمقاربة الحقل االســتفهامي كما حدَّدته الورقة الخلفية التي أعدَّها األســتاذ الدكتور بســيوني حمادة، رئيس قســم اإلعالم بجامعة قطر، والدكتور محمد المختار الخليل، مدير مركز الجزيرة للدراسات: هل تُستخدم شــبكات التواصــل االجتماعي فــي إدارة الصراعــات الدولية في القــرن الحادي والعشــرين؟ وإلــى أي مدى؟ ما القوى والعوامل الحاكمــة للتوظيف األيديولوجي لشــبكات التواصل االجتماعي؟ ومــا النتائج االجتماعية والثقافيــة لهذا التوظيف؟ هل االســتقطاب األيديولوجي لشبكات التواصل االجتماعي يمثِّل موجة جديدة من الهيمنــة الثقافية واالقتصادية للغرب؟ إلى أي مدى يمثِّل االســتقطاب األيديولوجي نتيجة طبيعية للرأسمالية العالمية لشبكات التواصل االجتماعي؟ لماذا يسعى الجمهور
| 10
إلى مشاركة المحتوى المُضلِّل والزائف لشبكات التواصل االجتماعي حتى في ظل بعــض المعلومات الموثــوق فيها على اإلنترنت؟ إلى أي مدى يمثِّل االســتقطاب األيديولوجــي لشــبكات التواصل االجتماعي تعبيرًا عن حالة عــدم الثقة في النظم السياســية ووســائل اإلعالم التقليدية؟ كيف يحدث الضبط والتَّحكُّم في شــبكات التواصل االجتماعي حتى في ظل ال مركزية الشــبكة؟ ولماذا؟ إلى أي مدى يمثِّل االســتقطاب األيديولوجي لشــبكات التواصل نقلة نوعية للسلطة المعرفية من أيدي الصحفييــن المهنيين إلى من ســواهم من غيــر المهنيين؟ إلى أي مدى يمكن لدول الجنوب أن تعيد صياغة بنى وهياكل اإلنترنت وشبكات التواصل االجتماعي إليجاد بديل جديد يحول دون اســتعمار هذه الدول رقميًّا، وفي الوقت نفســه يضمن أال يتحول المســتحدث من نظم إلى أدوات في أيدي الحكومات المستبدة؟ ما مستقبل شــكل العالقة بين شبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب األيديولوجي والهيمنة السياسية والثقافية واالقتصادية للغرب؟ تُقدِّم المجلة، في هذا العدد، الجزء األول من مخرجات المؤتمر الذي شــارك فيه نخبــة من األكاديمييــن والخبراء والباحثين المتخصصين، مثل البروفيســور ورئيس واليــس أننبرغ لتكنولوجيا االتصاالت والمجتمع بجامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس، مانويل كاســتلز، مؤســس نموذج المجتمع الشبكي في عصر المعلومات، واألســتاذ المحاضر في الدراسات اإلعالمية بقســم علم االجتماع واألنثروبولوجيا والدراسات اإلعالمية في الجامعة األميركية في بيروت، نبيل دجاني، وأستاذ التعليم العالــي بكليــة علوم اإلعالم واالتصــال في جامعة الجزائر، نصــر الدين لعياضي، والمستشــار في مجال اإلعالم وسياسات اإلنترنت والمدير السابق لحرية التعبير في اليونســكو، غاي برغر، وأستاذ سياسات اإلعالم واالقتصاد السياسي في كلية أننبرغ لالتصال بجامعة بنسلفانيا، فيكتور بيكار، وباحثين آخرون. يشــتمل الجزء األول على محاضرتين قدَّمهما البروفيسور مانويل كاستلز، والدكتور نبيــل دجاني، وســت دراســات وأبحاث تناقــش قضايا متعددة، وستنشــر المجلة .) 2024 الجــزء الثاني من مخرجات المؤتمر في العــدد المقبل (يناير/كانون الثاني شــبكات التواصل االجتماعي واالســتقطاب " وفي المحاضرة األولى، وهي بعنوان ، يُراجِع البروفيسور مانويل كاستلز العالقة بين شبكات التواصل االجتماعي " السياسي
11 |
واالســتقطاب األيديولوجي، ويُحدد أشــكال التفاعل بين المتغيرين، وكذلك أهمية دور العامل االجتماعي واالتصالي في عملية االســتقطاب؛ حيث فرضت شــبكات التواصل االجتماعي هيمنتها على فضاءات التواصل الجماهيري. ويرى كاســتلز أن لالســتقطاب جذورًا أعمق تكمن في أزمة الثقة والشــرعية السياسية عبر العالم، وأن هذه األزمة نفسها نتاج سمات السياسة اإلعالمية والبيروقراطية وتعاظم الفساد. لذلك يفترض، مؤسس نموذج المجتمع الشبكي في عصر المعلومات، أن شبكات التواصل االجتماعي ال تخلق االســتقطاب السياسي واأليديولوجي، بل تعكس ما يحصل في المجتمع، وتُعزِّز دور الجهات المُسْــتَقْطِبَة في المجتمع، ولكنها ليست السبب الذي يدفــع لتطرُّفها. ومع ذلك، فإن شــبكات التواصل االجتماعي تُضخِّم االســتقطاب وتُعزِّزه من خالل فضح المواقف المتطرفة على نطاق واســع، وأيضًا بســبب سرعة انتشــار الرســائل في بيئة اإلنترنت. ويتطلب هذا الوضع -بحســب كاستلز- تنظيم شــبكات التواصل االجتماعي، من ناحية، ثم مواجهة االستقطاب، من ناحية أخرى، عن طريق إعادة دَمَقْرَطَة السياســات ورفع مســتوى الشفافية في نظام اإلعالم متعدد الوسائط لكل من االتصال الجماهيري والتواصل الذاتي الجماعي. البنية األخالقية " فــي المحاضــرة الثانية التي قدَّمها الدكتــور نبيل دجاني، بعنــوان ، يرى أن التطور السريع " والقانونية لمجال عام عادل لشــبكات التواصل االجتماعي والعشــوائي في مجال شــبكات التواصل االجتماعي أدى إلى إدمان نوع جديد من الواقــع االجتماعــي غير المفيد أخالقيًّــا أو قانونيًّا. وتعزَّز ذلك مع اآلثار الســلبية الســتخدام الشــبكات االجتماعية عبر نشــر المعلومات المُضَلِّلَــة واألخبار الزائفة والتحيــزات العرقية والدينية، وانتشــار ظاهرة التنمر، فض ًل عن تفاقم االســتقطاب السياسي واأليديولوجي في العالم العربي. ويُفكِّر الدكتور دجاني في الطرق الممكنة الســتخدام شــبكات التواصل االجتماعي غير تلك التي تُســتخدَم بها حاليًّا، حتى يتمكن العالم العربي -على مســتوى األفراد وكذلــك الــدول- من الحفاظ على المزايا اإلنســانية المختلفة وزيادة فرص تمكين الضعفاء والفقراء من المشاركة الفعالة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، سواء على مســتوى المجتمع أو المســتوى الفردي. وأبرز دجاني أن معالجة مشكالت شبكات وليس، فقط، " العملية االجتماعية " التواصل االجتماعي المتزايدة تتطلب اعتماد مقاربة
| 12
إصدار تدابير تنظيمية. وتقوم هذه المقاربة على وضع إستراتيجيات اتصال هادفة من شأنها إحداث تغيير في التفكير والتصرف معًا. تُســتَهل دراسات الملف البحثي بالمشــكلة التي أثارها الدكتور نور الدين الميالدي الحرب على الســردية الفلسطينية: " والباحثة أنوار العرفي، في دراســتهما المعنونة بـ ؛ إذ تخوض أطراف " محاصرة المحتوى الفلسطيني على شبكات التواصل االجتماعي متعددة، بما في ذلك شبكات التواصل االجتماعي، هذه الحرب على المحتوى الرقمي المسلط على المحتوى الرقمي " العدوان " الفلسطيني. وهنا، تعالج الدراسة ما تُسمِّيه الصادر عن الجهات الفلســطينية أو الداعمة لها، وذلك في أشــكاله المتعددة، مثل: الحجــر والمنــع واإلقصاء والحذف والحظر والتبليغ، وغيرها من أشــكال العدوان الرقمي ومظاهره التي قد تســتهدف األفراد بمجرد أن يتضمن منشــور ما أو تدوينة تعاطفًــا أو مي ًل لتبليغ صورة منقوصة من ســردية الصراع الفلسطيني-اإلســرائيلي. فيه انتهاك للحقوق " العدوان الرقمي " وتنبع المشكلة البحثية من أن ما اصطُلِح عليه بـ والحريات الرقمية، ومن ثم فإن حرية التعبير مهددة عالميًّا. وتوصلت الدراســة بعد تحليل عينات مختلفة من منظور كمي وكيفي إلى أن الصراع الفلسطيني-اإلسرائيلي يعيش من منظور الرقمنة نقطة تحول خلقت وسائل تعبير جديدة وخطابات متنوعة، وأرســت تقاليد مستحدثة للتواصل. هذا فض ًل عن أن شبكات التواصل االجتماعي تثير اليوم استفهامًا حول عالقتها بحقوق اإلنسان وحرياته. " العدوان الرقمي " بالموازاة مع الدور الذي تقوم به شبكات التواصل االجتماعي في على المحتوى الفلســطيني ومحاصرة الســردية الفلسطينية، تبيِّن الدراسة التي أعدَّها إستراتيجيات شبكات التواصل االجتماعي في إنتاج " الباحث محمد الراجي، بعنوان ، " األيديولوجيا والهيمنة الخطابية: دراسة بنية الخطاب اإلسرائيلي على تويتر وفيسبوك أشــكال النزوع الهيمني للرواية اإلســرائيلية عبر النفــاذ التفضيلي لمنتجي الخطاب اإلســرائيلي في اســتخدام شبكات التواصل االجتماعي. ويَنْتُج عن هذا التفاوت في القــدرة على النفاذ إلى األحداث التواصلية تحكُّم تلك المنصات في الخطاب العام عبر تحديد مجاالته وموضوعاته وقضاياه وأشكال تدفُّقه وسياقاته، وتكريس الهيمنة الخطابية للذات اإلسرائيلية من خالل حسابات بعض الصحفيين والباحثين والحسابات الرسمية اإلسرائيلية على منصتي تويتر وفيسبوك. ويرى الراجي أن شبكات التواصل
13 |
والهيمنة " التملك االجتماعي للخطاب " االجتماعي (تويتر وفيســبوك) أســهمت في على سياقاته من قِبَل الذات اإلسرائيلية عبر النفاذ التفضيلي؛ األمر الذي أفسح لها في المجال واسعًا إلنتاج أنماط أيديولوجية تعكس تصورًا معينًا للقضية الفلسطينية (شيئًا خارج الزمن)، ورؤية لعالقتها بالذات الفلسطينية (ذات إرهابية) ورؤية للعالم أيضًا. وكانت هذه األنماط األيديولوجية (الشــرعنة والتفتيت والعسكرة..) تنصهر مع رؤى المؤسســات اإلسرائيلية الرســمية، وتُبَيِّن انحياز شبكات التواصل للذات اإلسرائيلية وعدم المساواة بين الطرفين في المشاركة في الفعل التواصلي. وفي سياق استقصاء دور شبكات التواصل االجتماعي في تعزيز الخطاب الشعبوي، شــبكات التواصل االجتماعي " بيَّنت دراســة الدكتور معتصم بابكر مصطفى، بعنوان ، أن " وتأثيراتهــا فــي تنامي الخطــاب الشــعبوي وأيديولوجياته: الســودان نموذجًا السياسـيين الشـــعبويين يستخدمون مختلف وسائل التواصل في مخاطبة الجمهور، ويأتي في مقدمتها شبكات التواصـل االجتماعي لما تتميز به من خصائص وسمات. كما أوضحت الدراسة تأثير هذه الشبكات في تنامي الخطاب الشعبوي الذي تتمثَّل أبرز مقوماته في نشــر الكراهية، وإعالء شــأن القبيلة، والدعوة إلى العنف والتمرد على وحدة أراضي الدولة. وللتقليل من مخاطر الخطاب الشــعبوي ومحاصرته في المجتمع الســوداني، أوصت الدراســة بتعزيز الحوار وثقافة التعايش الســلمي بين المكونات االجتماعية، فض ًل عن االهتمام بالتربية اإلعالمية في نشر الوعي بما تبثه هذه الشبكات، وتعليم المستخدمين مهارة التعامل مع وسائل اإلعالم الرقمي. أوجه االستقطاب " وركزت الدراسة التي أعدَّتها الدكتورة فاطمة الزهراء السيد، بعنوان - 2021 األيديولوجي بين المسلمين والهندوس على منصة تيك توك (سبتمبر/أيلول ، علــى تحليل خريطــة المحتوى الذي تنتجه أطراف " ) 2022 ديســمبر/كانون األول الصراع اإلسالمي-الهندوســي كأحد التجليات الممثلة لحقبة ما بعد االســتعمار من ، تُعد " تيك توك " مقطع فيديو نُشِــرت على منصة 100 خالل عينة قصدية تتألف من األكثر مشــاهدة حول القضية محل الدراســة. وتشمل العينة الحسابات األكثر متابعة من الجانبين، المســلم والهندوسي، واألكثر نشرًا حول القضية خالل الفترة الممتدة . وكشفت الدراسة أن نسبة 2022 إلى ديسمبر/كانون األول 2021 من سبتمبر/أيلول المحتــوى الداعم للتفاهم والتعايش بين الجانبيــن هو الغالب على وحدات العينة،
| 14
يليــه المحتوى المعبِّر عن االضطهاد والصراع. بينما كان اســتخدام الرموز التعبيرية (اإليموجي) أكثر في المحتوى المعبِّر عن موضوعات الحب والصداقة والزواج. وفي إطار تحديد عالقة شــبكات التواصل االجتماعي بالمجال العمومي، يتســاءل الميديا االجتماعية واالستقطاب " األكاديمي نصر الدين لعياضي في دراســته، بعنوان : هل يمكن أن تتحوَّل " السياسي: عوائق التحول نحو مجال عمومي بالمنطقة العربية الميديــا االجتماعيــة إلى مجال عمومي؟ وإلى أي حد يُعد االســتقطاب السياســي واأليديولوجي عائقًا أمام تحول الفضاء العمومي إلى مجال عمومي بالمنطقة العربية؟ لمناقشــة هذه المســألة، تعرض الدراسة مســتندة إلى المنهج الجدلي األطروحات واألطروحات النقيضة الســتخالص توليفة لمناقشــة المفهومين األساسيين، وهما: من أجل تقديم فهم " المجاالت العمومية الشبكية " و " المجاالت العامة الفسيفســائية " أفضل لمكانة الميديا االجتماعية والممارسات اإلعالمية واألشكال المختلفة للتواصل السياسي في المنطقة العربية. وتخلص الدراسة إلى أن هناك أسبابًا جوهرية وإجرائية تعيق تحوُّل الميديا االجتماعية إلى مجاالت عمومية، فال يمكن للعدَّة التقنية أن تحل معضلة االختالالت االجتماعية والثقافية في المجتمع؛ إذ إن الكثير من األنظمة السياسية والبنى االجتماعية والثقافية تضيق ذرعًا بالحوار وبالرأي المخالف، ناهيك عن المعارض. ولمعالجة اإلشكاليات التي يطرحها استخدام شبكات التواصل االجتماعي في إطار أخالقيــات مضمون التواصل، يقدِّم األكاديمي هشــام المكي منظورًا جديدًا للتفكير شبكات التواصل االجتماعي: " في أخالقيات هذه الشــبكات في الدراسة المعنونة بـ . ويميز الدكتور " من أخالقيات المحتوى إلى التصميم األخالقي.. فيســبوك نموذجًا المكي بين أربعة مستويات لمعالجة أخالقيات استخدام شبكات التواصل االجتماعي: أخالقيات النشر اإلعالمي المتخصص على شبكات التواصل االجتماعي، وأخالقيات االستخدام الشخصي لشبكات التواصل االجتماعي من قِبَل اإلعالميين، وأخالقيات استخدام عموم الناس لشبكات التواصل االجتماعي، والمعايير األخالقية التي تتبنَّاها شبكات التواصل االجتماعي. ورغم أهمية هذه الجهود فإنها غير كافية إلقرار تنظيم أخالقي فعلي الستخدام شبكات التواصل االجتماعي ألسباب عدة من بينها التوجه التجاري لتلك المنصات. وتقترح الدراســة أفقًا آخر للتفكير في أخالقيات منصات
15 |
. " التصميم األخالقي لشبكات التواصل االجتماعي " التواصل االجتماعي تُسمِّيه النموذج " ، نقرأ بحثًا للدكتور عبد السالم رزاق بعنوان " دراسات وأبحاث " وفي نافذة ، يُقارب سمات وخصائص هذا النموذج من " اإلخباري لقناة الجزيرة: بنيته ودينامياته خــ ل التركيز على بنيته ودينامياتــه باعتباره اختيارًا تحريريًّا خاصًّا بالقناة. وتفترض الدراسة أن النموذج اإلخباري للقناة -باعتباره التمظهر المادي لماهية وهوية الجزيرة كما تُجسِّــده التغطيات الحية والمباشــرة- يمثِّل حالة إعالمية خاصة بالجزيرة التي ظهرت في سياق سياسي واجتماعي عربي متسارع التحوالت، وأصبحت متغيرًا مؤثرًا في تحول المجتمعات العربية طوال هذه الفترة التاريخية التي امتدت ألكثر من عقدين ونصف من الزمن. وعبر مقاربة تركيبية استفادت من روافد معرفية ومنهجية مختلفة، خلصت الدراسة إلى أن النموذج اإلخباري لقناة الجزيرة مر بمراحل متعددة وشهد ديناميات مســتمرة تبعًا لنوعية العالقات القائمة بين العناصر األربعة: الحدث والقناة والجمهور والسياق. وتتتبَّع الدراسة التي أعدَّها الباحثان، الدكتور جمال رزن والدكتور عبد الله بخاش، التأثيرات المحتملة لبيئة االتصال الجديدة في اشتغال آليات دوامة الصمت، بالتطبيق على ثالث قضايا خالفية تتعلق باألزمة اليمنية، وهي: دور التحالف العربي في اليمن، وشــرعية الرئيس الســابق عبد ربه منصور هادي، والدعوة لفك ارتباط المحافظات الجنوبية عن دولة الوحدة اليمنية. وأظهرت نتائج الدراسة، باعتماد المنهج المسحي مبحوثًا، وجود آثار محدودة 438 واســتخدام طريقة عينة كرة الثلج التي تألَّفت من لبيئة االتصال الجديدة في اشتغال آليات دوامة الصمت. على مستوى اآللية النفسية، أكد المبحوثون شــعورهم بالخوف من العزلة في اتصاالتهم االفتراضية بشــكل أقل من اتصاالتهم المباشــرة، رغم ارتفــاع توقعاتهم بعدائية اآلخر في تعاطيه مع اآلراء المخالفة له. في البعد االجتماعي، تُقدِّم نتائج الدراســة دلي ًل على تأثر اشــتغال اآللية االجتماعية لدوامة الصمت في البيئة الجديدة لالتصال؛ إذ تراجعت نسبة التطابق مع الرأي السائد وتقلصت نســبة الفارق بين المتطابقين وغير المتطابقين مع مناخ الرأي االفتراضي؛ ما يعني اهتزازًا لفكرة االتجاه السائد، ومن ثم انخفاض تأثير الضغط ألجل التوافق االجتماعي.
| 16
أما النافذة التي تُعنى بالمعجم اإلعالمي الحديث، فيشــارك فيها الدكتور عماد بشــير الذي أعد المادة العلمية مساهمًا في بناء لبنات هذا المعجم الذي يمثِّل إسهامًا معرفيًّا لمركــز الجزيرة للدراســات في صناعة معجمية تحقــق التراكم المعرفي اإلعالمي. وتزداد أهمية هذا المشــروع باعتبار هذه الصناعة وســيطًا علميًّا يُوثِّق الصلة بمجال اشــتغاله، ويُكْسِــب المتلقي وعيًا عميقًا بالكيفية التي يُعَبِّر بها النسق المعجمي عن صيــرورة الظواهــر والقضايــا اإلعالمية التي يعالجها من خــ ل البحث في أصول الكلمات وتَشَكُّل المصطلحات وبلورة المفاهيم واستقصاء تطورها التاريخي. تأثيرات اإلعالم " ، يراجع الدكتور وائل عبد العال كتاب " قراءة في كتاب " فــي زاوية لألكاديمي والباحث األميركي وليام جيمس بوتر. وتناول الكتاب أهمية دراسة " الرقمي تأثير اإلعالم الرقمي في األفراد والمجتمعات، وتحديد ما إذا كانت تأثيراته مختلفة عن تأثيرات وســائل اإلعالم التناظرية/التقليدية التي جرت دراســتها سابقًا. تحاول المراجعة تحليل أهم األطروحات التي استند إليها األكاديمي بوتر في دراسته لتأثير اإلعالم الرقمي وإظهار نقاط القوة والضعف فيها، ورصد األدوات التي اســتخدمها فــي الفهم والتفســير والتحليل لمســاعدة القارئ على فهــم األطروحات المختلفة للكتاب. تناقش الورقة أيضًا أهم التقاطعات مع أطروحات مماثلة في ســياق أوســع لفهم مختلف التأثيرات الحالية والمستقبلة لإلعالم الرقمي في األفراد والمجتمعات والكيانات، كما تحاول استكشاف الفجوة المعرفية في الكتاب والجوانب التي يمكن التركيز عليها مستقبًلً. ، يناقش الباحث، يوســف خرفي، كيفيــة تلقي النخبة " رســائل جامعيــة " فــي باب الجزائرية، ممثلة في األساتذة الجامعيين، لمضامين قناة الجزيرة واإلشباعات المحققة لديهــم. تركــز األطروحة على هذه الفئة الجامعيــة باعتبارها من النخبة التي تمتلك مستوى علميًّا عاليًا يسمح لها باالستخدام المتوازن والنشيط لمضامين القناة، وبإشباع حاجات مقصودة، كما يمكن لها تقييم هذه المضامين من حيث الشكل والمحتوى. وينطلق الباحث في دراسته ألبعاد المشكلة البحثية من السؤال اإلشكالي: كيف يتلقى األساتذة الجامعيون بالجزائر مضامين قناة الجزيرة؟ وما اإلشباعات المحققة لديهم؟ وتعتمد األطروحة في مقاربة هذا الســؤال اإلشــكالي المنهج المســحي باعتبارها تنتمي إلى دراســات الجمهور، وهو المنهج األنســب لمثل هذا النوع من البحوث.
17 |
% يفضلون تلقي 72 . 2 وبيَّنت نتائج الدراســة أن أغلبية األســاتذة الجامعيين وبنسبة مضاميــن تتناول قضايا وأحداثًا عربية عبر قناة الجزيرة، وال يوجد اختالف جوهري بين الجنســين وبين الفئات العمرية في ذلك. وكشفت أن النسبة األكبر من األساتذة % يفضلون المواضيع السياســية، ألنها تســلط الضوء على مختلف 39 . 6 الجامعيين األحداث المهمة التي يعرفها العالم، كما أن األســاتذة الجامعيين لديهم رغبة دائمة في االطالع على التحوالت السياسية ودينامية تطور األحداث. وتبحــث األطروحة التــي أعدَّتها الباحثة، أمامة اللواتــي، آليات الخطاب اإلعالمي ، 2004 لقناة الجزيرة خالل المرحلة التي عرفت أحداث ســجن أبو غريب في العام والهجــوم األميركــي على مدينة الفلوجة، وما تال ذلك من انتهاكات بحق الســجناء . وتحاول الدراسة، في سياق 2016 ، ثم معركة الفلوجة الثالثة في 2013 العراقيين عام هذه األحداث، اإلجابة على الحقل االستفهامي اآلتي: هل هَدَف الخطاب اإلعالمي لقناة الجزيرة إلى تحدي الخطابات القائمة وكشفها، أم كان خطابًا متماهيًا ينحو إلى تَبَنِّي أو تحييد هذه الخطابات حسب سياسات المؤسسة اإلعالمية؟ وما خصائص هذا الخطاب الذي تم توظيفه؟ هل مارست الجزيرة بذلك عمليات التركيز أو اإلقصاء أو التجاهل؟ وكيف قامت بدورها بصفتها وسيطًا ناقًل لألخبار؟ تجمع األطروحة في منهجيتها بين مقاربتين في العلوم اإلنسانية واالجتماعية؛ إذ تنحو إلى الجانب الوثائقي العتمادها على أســاليب التحليل الوثائقي الكالســيكي، فض ًل عن االســتعانة بالمقاربة البيوغرافية. ومن النتائج التي خلصت إليها الدراســة أن قناة الجزيرة قامت عبر خطابها اإلعالمي نصًّا وصورة بتشــكيل رؤية محدَّدة لألوضاع، وإظهار تناقض الطرف اآلخر، وتحدِّي الرؤية األميركية بشأن مجريات األحداث عبر التركيز على الحصار اإلعالمي، الذي كان يهدف إلى تطويق المعلومات التي ال تتفق مع الرؤية السابقة. وترى األطروحة أن خطاب التحدِّي للقوة المتقدِّمة ماديًّا وإعالميًّا لم يكن له وجود مسبق في الخطاب اإلعالمي العربي. فالقنوات العربية قبل الجزيرة لم تكن تهدف إلى تحدِّي الخطاب اإلعالمي المحلِّي، أو الخطاب الدولي المُهيمِن.
ملف خاص شبكات التواصل االجتماعي )1( واالستقطاب األيديولوجي
شبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب السياسي
Social Media and Political Polarisation * Manuel Castells مانويل كاستلز -
ملخص: يُراجِــع البروفيســور مانويــل كاســتلز العالقة بين شــبكات التواصــل االجتماعي واالســتقطاب األيديولوجي، ويُحدد أشــكال التفاعل بين المتغيرين، وكذلك أهمية دور العامــل االجتماعي واالتصالي في عملية االســتقطاب؛ حيث فرضت شــبكات التواصل االجتماعي هيمنتها على فضاءات التواصل الجماهيري. ويرى كاســتلز، في المحاضرة التي ألقاها عبر تقنية الزوم، خالل الجلســة االفتتاحية للمؤتمر العلمي "شــبكات التواصــل االجتماعي واالســتقطاب األيديولوجي: عالقــات القوة والتأثير الثقافي واالجتماعي"، الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراســات وقســم اإلعالم بجامعة ، أن لالســتقطاب جذورًا أعمق تكمن في أزمة 2023 مارس/آذار 2 و 1 قطر، يومي الثقة والشرعية السياسية حول العالم، وأن هذه األزمة نفسها نتاج سمات السياسة اإلعالمية والبيروقراطية وتعاظم الفســاد. لذلك يفترض، مؤســس نموذج المجتمع الشــبكي في عصر المعلومات، أن شــبكات التواصل االجتماعي تُعزِّز دور الجهات المُسْــتَقْطِبَة في المجتمع، ولكنها ليســت السبب الذي يدفع لتطرُّفها. ومع ذلك، فإن شبكات التواصل االجتماعي تُضخِّم االستقطاب وتُعزِّزه من خالل فضح المواقف المتطرفة على نطاق واسع، وأيضًا بسبب سرعة انتشار الرسائل في بيئة اإلنترنت. ويتطلب هذا الوضع -بحسب كاستلز- تنظيم شبكات التواصل االجتماعي، من ناحية، ثم مواجهة االستقطاب، من ناحية أخرى، عن طريق إعادة دَمَقْرَطَة السياسات ورفع مســتوى الشــفافية في نظام اإلعالم متعدد الوسائط لكل من االتصال الجماهيري والتواصل الذاتي الجماعي. شــبكات التواصل االجتماعي، االستقطاب األيديولوجي، أزمة الثقة، كلمات مفتاحية: . أزمة الشرعية Abstract: In a lecture he delivered in the opening session of a conference organised by Al Jazeera Centre for Studies and the Department of Mass Communication at Qatar University on 1 and 2 March 2023 under the title, "Social Media Networks أ.د. مانويـل كاسـتلز، أسـتاذ جامعـي، ورئيـس واليـس أننبـرغ لتكنولوجيـا االتصـاالت والمجتمـع بجامعـة جنـوب * كاليفورنيـا فـي لـوس أنجلـوس. Dr. Manuel Castells, University Professor of Communication Technology and Society, University of Southern California, and the Wallis Annenberg Chair in Communication Technology and Society.
and Ideological Polarisation: Power Relations and Socio-Cultural Impact", Professor Castells reviewed the relationship between social media networks and ideological polarisation; and defined the interaction between them and the importance of the social and communication factor in the process of polarisation, as social media has become the predominant space of mass communication. However, he maintained that polarisation has deeper roots in the crisis of trust and political legitimacy around the world, itself resulting from the characteristics of media politics and the bureaucratisation and growing of corruption. Thus, social media enhances the role of the polarised factions in society but are not the cause of their radicalisation . Yet, social media amplifies and reinforces polarisation by exposing extreme positions on a large scale and because of the virality of messages in the internet environment. This, according to Castells, requires that social media be regulated, and polarisation be confronted by a re-democratisation of politics and greater transparency in the multimodal media system, for both mass communication and mass self-communication. Keywords: Social Media, Ideological Polarisation, Trust Crisis, Legitimacy Crisis.
23 |
تُعــد موازيــن القوى -في جميع المجتمعات- مُنْتِجَــة للمعايير االجتماعية إلى حد أن البعــض يعتبرهــا الحمض النــووي للمجتمعات. ويُعزى الســبب في ذلك إلى أن أولئك الذين هم في مواقع النفوذ يحاولون أن يُشــكِّلوا المؤسســات والقوانين وفقًــا لمصالحهــم واهتماماتهم. وفي الوقت نفســه كل من يطعن في هذه الموازين القائمة أيضًا يقوم بالطعن في ممارسات هذه المؤسسات. إذن، هناك عالقات القوة، والعالقــات المضــادة لموازين القوى القائمة التي تؤثر في المجتمعات، وتظهر هذه العالقات -عالقات موازين القوى- بشــكل أساســي في اإلعالم. ويوجد النفوذ في القدرة على االتصاالت والتواصل ويؤثر ذلك في المجتمعات بأســرها. هذا مفهوم بســيط، ألننا -نحن البشر- أشــخاص اجتماعيون، أي كائنات اجتماعية، نرغب في االتصــال باآلخرين على مســتوى عال وهو التواصل. وهــذا يؤثر في طريقة حياتنا وتصرفاتنا وتضامننا وحتى المواجهة التي قد تحدث بين بعضنا البعض. ويؤدي هذا التفاعل بين الناس إلى االســتقطاب فيما بينهم وبين المؤسسات. ويعتمد ذلك على التوافق وقدرة الناس على قبول هذه المعايير التي تحدثنا عنها لكي نســتطيع جميعًا التعايش. ولذلك، فإن نظام المؤسســات قد يُعتبَر مشــروعًا، لكن جميع المؤسسات هي جهات فاعلة تحاول أن تُعزِّز من فهمها من خالل إعادة النظر في هذه المفاهيم أو الطعن فيها. هناك عدة جهات فاعلة، والعبون يتفاعلون بشــدة مما قد يطرح مســألة المشروعية. كما أن بعض المجتمعات تعتبر هذه المؤسســات غير عادلة بالنســبة إليها، وتحاول الطعن فيها وأن تطرح قيمًا إضافية. إذن، هناك أزمة الشــرعية التي تعاني منها هذه المؤسســات وتؤثر في مجتمعاتنا، والعامل األساســي في ذلك هو الديناميات التي تحدث في مجال التواصل الذي يُعد أساسيًّا للقوى والنفوذ وأيضًا للمجتمعات. فهو (التواصل) يُنَظَّم ويُجْمَع لكي يُصبِح مكوِّنًا أساسيًّا للشرعية السياسية، وفي الوقت ذاته تؤثر هذه األزمة (أزمة الشــرعية) على مســاحة التواصل، بينما تؤثر مساحة التواصل نفسها في المؤسسات والقيم. وبالتالي نحن في أزمة مُؤَسَّسِية مستمرة. وفي التاريخ اإلنســاني، نجد أن تكنولوجيا االتصاالت تُتيح تشكيل مؤسسات اإلعالم والتواصل التي تُسيطر عليها المؤسسات السياسية، أي الدول، أو العالقات التجارية، أو األجهزة األيديولوجية.
| 24
مع نشــوء التكنولوجيات الجديدة في مجال التواصل -وأشــير هنا إلى أن اإلنترنت وباتت اآلن مُمَكِّنة للتواصل بين البلدان، وهناك 1969 بــدأت في الظهور فــي العام مليار من األشــخاص 2 مليارات مســتخدم لإلنترنت، وأيضًا عدد يقارب 5 . 5 تقريبًا الذين يستخدمون شبكات التواصل االجتماعي- فإن ما شهدناه بشكل متزايد خالل العقود األربعة أو الخمســة الماضية هو تشــكيل لشبكات التواصل فيما بين الناس، والتي أدت إلى نوع من السيطرة. فهذا التفاعل لهذا النوع من التواصل من دون أي حدود ومن دون أي وســيط أدى إلى مَأْسَسَــة التأثير. لذلك نجد بعض األشخاص ينادي بالحرية، والبعض اآلخر يحاول التفلت من أي ســيطرة عليه، وقد أدى ذلك إلى ظهور وسائط جديدة في عالم اإلنترنت، بعضها يستخدم للعمل التجاري. وبفعل االهتمام بهذه الشــركات، ســيؤدي ذلك إلى تفعيل التواصل واالتصال بدرجة أكبر. وهنا يمكن القول: إن التواصل هو مســألة تسيطر عليها شركات االتصاالت الكبرى باعتبارها مالكة ومسيطرة على منصات التواصل االجتماعي؛ إذ تتيح للناس التواصل فيما بينهم بالقدر الذي يرغبون فيه ووفقًا لما تتيحه هذه المؤسسات. في ظل هذه الظروف هناك لوم على التنوع في مجال وسائل التواصل عبر شبكات التواصــل االجتماعي مما يطرح مجددًا مســألة الشــرعية. ومن ثــم فإن إلقاء اللوم على شــبكات التواصل االجتماعي فيما يخص االستقطاب األيديولوجي والسياسي المتزايد يؤدي إلى زعزعة االستقرار، وبالنسبة لعدد من العوامل األخرى فإنها تهدد وجود الديمقراطية الليبرالية. هناك ادعاءات كثيرة في هذا الســياق يمكن اســتعراض بعضها؛ إذ بصرف النظر عن شبكات التواصل االجتماعي فقد باتت المجتمعات أكثر استقطابًا سياسيًّا في أي مكان، ويحصل هذا االستقطاب في عدة مجاالت من الحياة االجتماعية، وقد أثَّرت الصراعات الكبرى في معتقداتنا. نحن ال نراها بالطريقة نفسها بعد اآلن، ويمكن أن يُنظَر إليها من خالل العنصرية، أو معاداة األشخاص المختلفين عنَّا، أو األجانب، أو أشخاص من إثنيات مختلفة. لن أطيل التعمق في هذا الموضوع، ولكن يمكن أن أشير إلى البيانات التي أوردتها في كتابي عن أزمة مؤسسات التواصل التي أعرضها بشكل تفصيلي. كل هذه التعابير المتعلقة بالقيم والقيم المضادة باتت حتمية. إن ما يؤثر في االستقطاب هو مسألة الثقة في المؤسسات والجهات الفاعلة السياســية واالجتماعية. نحن وثَّقنا أن المؤسســات اإلعالمية قادرة على إدارة بعض الصراعــات، وقد أدى هذا االهتمام من كافة أقطاب المجتمع إلى نهاية بعض أوجه
25 |
الثقة، ولكن ما الدور األساسي -وليس المزعوم- لشبكات التواصل االجتماعي في موضوع االستقطاب؟ ال يتعلق األمر تحديدًا بوجود شبكات التواصل االجتماعي التي على أساسها نصبح استقطابيين، بل أظهرت البحوث المتخصصة أن هناك استقطابًا منذ األصل، وتنامى تحديــدًا في القرن الحادي والعشــرين. لذلك فــإن الفكرة هنا ال تعود إلى الجهات الفاعلة السياســية أو المؤسسات السياســية القائمة، وإنما الشرعية السياسية مسؤولة بعض الشيء في هذا الموضوع؛ إذ إن ثلثي األشخاص في العالم -بحسب أبحاثنا- ال يثقون في القادة السياسيين واألحزاب السياسية والمؤسسات السياسية. إن أزمة الثقة هنا تؤثر في كافة المجاالت: في النظام المالي والمؤسســات المالية، وفي الجهات الفاعلة اقتصاديًّا، وفي معظم األحيان في القادة الدينيين أيضًا مع بعض االستثناءات في بعض البلدان، وأيضًا انعدام الثقة في بعض القضايا الصحفية، وحتى في العلم، . هناك 19 مثــل أزمــة الثقة في اللقاح الذي جعلنا ننجو بحياتنا خالل جائحة كوفيد- عدد كبير من األشخاص الذين كانوا يعارضون هذا اللقاح جرَّاء انعدام الثقة بالعلم نفسه. ومن ثم فإن مسألة الثقة باتت ظاهرة بشكل كبير، وهنا تُطرَح مسألة الشرعية في هذا الفعل، وطبعًا انعدام التكافؤ من الناحية السياسية، والدعم المقدم من النظم؛ األمر الذي يؤدي إلى مزيد من البيروقراطية وتعاظم الفساد وغير ذلك؛ مما يؤثر في الدول نفسها. هناك أيضًا عوامل أخرى غير مُؤَسَّسِــية، فنحن على شــفير تحول تكنولوجي، وثمة أشــخاص يخافون من هذا التســارع التكنولوجي في العالم. لذلك فالناس ببســاطة خائفــون، ويُعد الخوف أكثر المشــاعر قوة وفعاليــة. إذن، هناك هذا الخوف الكبير الذي يؤثر في التواصل لدينا، وليســت هناك بِنَى للوســاطة، ألن الناس ليس لديهم ثقة في الكثير من هذه المؤسسات، وألن العالم أيضًا دخل في نوع من دوامة العنف في حياتهم اليومية، ونجد في معظم البلدان هذا الخوف من العنف في أذهان الناس. عــ وة علــى ذلك، ثمة الوعي بأزمة المناخ التي تؤثــر في الكائنات الحية بكوكبنا؛ ففي الواليات المتحدة -كما نقول- تتشكَّل العاصفة من دون أن تكون هناك إمكانية للسيطرة عليها من قبل كافة الفاعلين. وبخصــوص اســتخدام اإلنترنت، يمكــن القول: إن هناك بثًّا للمعلومــات المُضَلِّلَة
| 26
والمعلومــات الزائفة وغيــر ذلك، وهكذا دخلنا حقبة الالحقيقــة، كما أصبحنا في واقع تتحول فيه هذه الحقائق. والسؤال: لماذا يحصل ذلك؟ كما ذكرت سابقًا، فإن شركات التكنولوجيا التي تملك منصات التواصل تقوم على نموذج تجاري يهدف إلى زيادة التفاعالت، وكلما زاد ذلك زاد الكره بين الناس، وباتوا أكثر نشاطًا في عملية التفاعل بشأن هذه المعلومات. إذن، نظام التواصل الجديد لدينا يعتمد على السرعة العالية من خالل التطور التكنولوجي، كما أن التواصل الشامل المقسم يجعل األمور مُشَــخْصَنَة ومن ثم تصبح األمور ضمن سحابة غير مفهومة. ولكن هناك شيء آخر، ما هو في الحقيقة دور الممارسات اليومية على مواقع شبكات التواصل االجتماعي ضمن هذا اإلطار االستقطابي السياسي والثقافي؟ هذا أمر مهم جدًّا. نبدأ بواقع يتمثَّل في وجود اســتقطاب أيديولوجي وسياســي ينتشــر ويشيع في كل مــكان، وهو ليس خفيًّا بل يوجد عبر مصادر مختلفة ذكرت بعضها. بالنظر إلى هذا السياق: ما الدور المحدد والتأثير المحدد لمواقع التواصل في هذا االستقطاب؟ قد تكون لدينا وجهات نظر بالنسبة لهذه األسئلة، ولكن هنا يبرز دور العلوم االجتماعية التي قد تســاعدنا في اإلجابة عن هذه األســئلة الوجودية األساسية. بالنظر إلى إطار االســتقطاب السياسي واأليديولوجي ومع علمنا بوجود هذا السياق االستقطابي: ما دور شبكات التواصل االجتماعي في التصدي لهذا االستقطاب؟ بالنســبة لمن يعملون في كبرى المؤسســات يجب أن يتنبهوا لهذا الموضوع طبعًا. نحاول جميعًا أن نتوجه إلى مصادر المعلومات، والمواقع على شــبكات التواصل، تُشبِه ما نُفَكِّر به وتعكس وجهة نظرنا نحن لكي نؤكد ما نُفَكِّر به وليس لكي ندحضه. وهذا ما توصل إليه باحثو علم النفس من خالصات في دراستهم لمواقع التواصل، ألننــا عادة نميل إلى التشــكيك في كافة اآلراء ووجهــات النظر وحتى المعلومات التــي تعــارض آراءنا؛ إذ ترفض أغلبية الناس أن تُغيِّر رأيها؛ لذلك ترفض ما يتحدى رأيها. وهذا ما أشار إليه الباحثون والخبراء بعد مالحظاتهم ومراقبتهم للواقع. فهذه طريقة الســلوك اإلنســاني بصورة عامة. فاألشخاص المحافظون يرفضون أن يطلعوا على وســائل اإلعالم والقنوات اإلعالمية الليبرالية، والعكس صحيح. إذن، يرفضون االطــ ع على المعلومات التي تنقلها وســائل اإلعالم مــن الطرف اآلخر، وهذا ما توصل إليه مُحلِّلو البيانات. واألمر ســيان بالنســبة لمواقع التواصل االجتماعي؛ إذ
27 |
تتشــكَّل في العادة هذه اآلراء في مواقع التواصل بحســب تماهينا مع الســلوكيات، وانعكاس هذه الســلوكيات يحصل بما نُســمِّيه غرفة الصدى، صدى الصوت، حيث يسعى الجميع لسماع صدى صوته، إن صح القول، أي أن يسمع وجهة نظر تُفَصِّل وتَدْعَم وجهة نظره. البروفيسور باربرا من خالل إحدى األوراق البحثية، وهناك الكثير من المراجع التي تؤكد ما أتحدث عنه، ترى أن االستقطاب الموجود في المجتمع هو الذي يُملي ويُؤطِّر هذا االســتقطاب في وسائل اإلعالم ومواقع التواصل االجتماعي وليس العكس صحيحًا. طبعًا مواقع التواصل لديها بعض التأثير. إذن، اآلراء االجتماعية تُوجِّه مواقع التواصل وليس العكس صحيحًا بالضرورة. كل ذلك منوط بكيفية بناء مواقع التواصل لهذا التفاعل. البروفيســور تاكل وغيره حلَّلوا هذه المسائل وقدَّموا ثالث خالصات أساسية: - أو ًلً: إن تعاظم االنقسام في مواقع التواصل االجتماعي يعكس االنقسام والتشرذم االجتماعي؛ األمر الذي من شأنه أن يخفض من جودة المعلومات السياسية. - ثانيًا: بالنسبة لمن يستهلكون المعلومات السياسية في مواقع التواصل االجتماعي بصورة عامة فهم معرضون أكثر لتنوع وجهات النظر من قِبَل أشخاص غير مُسْتَقْطَبِين. في الحقيقة، إن اســتخدام مواقع التواصل يُعزِّز من التســامح واالنفتاح على النقاش لمن ليسوا مُسْتَقْطَبِين، كما أن غالبية الناس في العالم ليست مُسْتَقْطَبَة، ولكن من هم مُسْتَقْطَبون واضحون ونشطون جدًّا في مواقع التواصل االجتماعي. - ثالثًــا: تبادل اآلراء ووجهات النظر السياســية واأليديولوجية على مواقع التواصل االجتماعي غالبًا ما يكون منتشرًا، وهذا يُسهم في االستقطاب السياسي أكثر. في هذا السياق، أشير إلى أن البروفيسور باربرا، أكبر الباحثين في هذا المجال، تقول إنها مســألة نزاع على الهوية وليس بالضرورة على مواقع التواصل االجتماعي التي % مــن التفاعل على مواقع التواصل االجتماعي 20 تؤثر في االســتقطاب. فأقل من يتضمــن مكونًا أو عنصرًا أيديولوجيًّا أو سياســيًّا. وقد يكــون الموضوع رياضيًّا أو اجتماعيًّــا أو فنيًّا وليس بالضرورة حكرًا على النقاشــات السياســية واأليديولوجية، ولكن المُسْتَقْطَبِين في هذا المجال هم األكثر نشاطًا في مواقع التواصل االجتماعي، وهذا ما أظهرته البحوث من دون أن يكون هناك ترابط وثيق بين استخدام اإلنترنت
| 28
واالســتقطاب. إذن، اســتخدام اإلنترنت ليس مرتبطًا باالستقطاب السياسي في عدد ، تزايد االستقطاب السياسي 2016 و 1996 من الفئات الديمغرافية، مثًل بين األعوام عامًا، وهم 65 فــي كافة الفئات العمريــة، ولكنه تضاعف لدى الفئة العمريــة فوق األشخاص األقل استخدامًا لإلنترنت، واألقل نشاطًا على مواقع التواصل االجتماعي. أما الفئة العمرية الشــابة التي تســتخدم اإلنترنت فكانت األقل استقطابًا في الواليات المتحدة، فهي األكثر نشــاطًا واألقل اســتقطابًا، ولكن بالنســبة لمن هم مُسْتَقْطَبون سياســيًّا فإن اســتخدام مواقع التواصل االجتماعي يُعزِّز من راديكاليتهم، الســيما إذا كانــوا في اليمين المتطرف، وذلــك ألنهم األكثر حضورًا واألعلى صوتًا، إضافة إلــى أن كثرة التفاعل على مواقــع التواصل االجتماعي تُدْخِلُهُم في حالة إدمان. إن كثرة اســتخدام التعليقات والتعليقات المضادة، والنزاعات األيديولوجية على مواقع التواصل االجتماعي، تجعلهم مدمنين يبحثون عن جرعة دوبامين مستمرة، ويتحمسون وينفعلون ويخرجون عن طورهم، وذلك بمنزلة مادة مخدرة ترضيهم وتشبعهم. إذن، كلما نشــطوا في مواقع التواصل االجتماعي نشطت هذه الخاليا العصبية التي تعمل علــى الدوبامين. وهذا نوع من المخدر الذي يُعزِّز النزاعات واإلشــكاليات، ويُعزِّز أيضًا انتشــار المعلومات الخاطئة التي يتقبلها المســتخدمون الذين يتماهون مع هذا الخط السياســي أو األيديولوجي. أخيرًا، بالنســبة للحمالت السياسية التي تستهدف إيجابًا أو ســلبًا إرســال بعض الرسائل عن السياسيين فإنها تتعزز وتتعاظم من خالل استخدام الروبوتات والذباب اإللكتروني الذي يُعزِّز انتشار الرسالة. فــي هذه الظــروف، فإن أي محاولــة للتصدي لهذه المعلومات مــن خالل تقديم الوقائع تضيع بســبب حجــم وكثرة المعلومات المُضَلِّلَــة والخاطئة، ومن ثم يلغي هذا االســتقطاب الموضوعية لألســف. ومســكين هو هذا الصحفي الذي يحاول التمســك بالوقائع والحقيقة، ألن صوتــه يضيع في خضم هذه الحملة والبروباغندا. إذن، اســتخدام هذا الذباب اإللكتروني قد يكون عنصرًا أساســيًّا في هذه الحمالت السياسية كما تابعنا مع جايير بولسونارو، ودونالد ترامب، وأيضًا حملة خروج بريطانيا (بريكست) من االتحاد األوروبي، باإلضافة إلى تعاظم تأثير حمالت اليمين المتطرف في السويد وفرنسا وألمانيا...إلخ، وتحظى هذه الحمالت بدعم مالي، ولذلك ليست المســألة فقط أن نرى شــبكات التواصل االجتماعي تبدأ بســحر ساحر العمل على االستقطاب، بل هناك من يدعمها ماليًّا.
29 |
إذن، شبكات التواصل االجتماعي قد تُعزِّز االستقطاب ولكنها ليست مُسَبِّبًا له. هناك جهات سياسية فاعلة، ومجموعات محافظة أيضًا، وجهات يسارية متطرفة في بعض األحيــان، تدعم ماليًّا هذه الحمالت االســتقطابية على مواقع التواصل االجتماعي، وتتدخــل في هذه المواقع للســيطرة على الرأي العام عبــر بث المعلومات الخاطئة والمُضَلِّلَة، وهذا ما نُسمِّيه بالتزييف. وتتحول هذه األكاذيب في الحقيقة إلى أخبار؛ حيث نرى بطريقة خاطئة ومُضَلِّلَة وغير صحيحة سياسيًّا يقول شيئًا ما، وهو لم يقله في الواقع، بل يتم ذلك من خالل برمجية على الكومبيوتر؛ حيث يوضع هذا الكالم على لسانه وتخرج هذه المعلومات المُفَبْرَكَة والمُضَلِّلَة. هذه الحلقة قد تكون أُقْفِلَت. إذن، االستقطاب السياسي واأليديولوجي يتركز على أنشطة األقليات، التي تحاول أن تقف وتتصدى لهذا الخطاب االســتقطابي، وهذا يُعزِّز النشــاط على مواقع التواصل االجتماعي، وتســتفيد منه منصات التواصل التي ال تريد أن تحمل ســيف األخالق والتوجيه الصحيح، ألنها في النهاية قد تخسر من انحسار التفاعل الذي تتربح منه. باختصار، شبكات التواصل االجتماعي ال تخلق االستقطاب السياسي واأليديولوجي، بل وســائل تعكــس ما يحصل في المجتمع. هذا النظام السياســي صار مُسْــتَقْطَبًا ومُسْــتَقْطِبًا وليــس هناك تدخل كبير من المؤسســات ولكــن ضمن هذا اإلطار فإن شبكات التواصل االجتماعي تُعزِّز وتُعظِّم وتُوسِّع وتنشر هذا االستقطاب من خالل وجودها في الفضاء الرقمي.
البنية األخالقية والقانونية ملجال عام عادل لشبكات التواصل االجتماعي Ethical and Legal Structure for a Just Social Media Public Sphere * Nabil Dajani - نبيل دجاني ملخص: يرى األكاديمي نبيل دجاني أن التطور السريع والعشوائي في مجال شبكات التواصل االجتماعــي أدى إلــى إدمان نوع جديد مــن الواقع االجتماعي غير المفيد أخالقيًّا أو قانونيًّا. وتعزَّز ذلك مع اآلثار الســلبية الســتخدام شبكات التواصل عبر نشر المعلومات المُضَلِّلَــة واألخبــار الزائفــة والتحيزات العرقية والدينية، وانتشــار ظاهرة التنمر، فضًل عن تفاقم االســتقطاب السياســي واأليديولوجي في العالم العربي. وفي المحاضرة شــبكات التواصل االجتماعي واالستقطاب " الثانية التي قدَّمها، خالل المؤتمر العلمي: ، يُفكِّر الدكتور دجاني في " األيديولوجــي: عالقــات القوة والتأثير الثقافي واالجتماعي الطرق الممكنة الســتخدام شــبكات التواصل االجتماعي غير تلك التي تُســتخدَم بها حاليًّا، حتى يتمكن العالم العربي -على مستوى األفراد وكذلك الدول- من الحفاظ على المزايا اإلنسانية المختلفة وزيادة فرص تمكين الضعفاء والفقراء من المشاركة الفعالة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، سواء على مستوى المجتمع أو المستوى الفردي. وأبرز دجاني أن معالجة مشكالت شبكات التواصل االجتماعي المتزايدة تتطلب اعتماد وليس، فقط، إصدار تدابير تنظيمية. وتقوم هذه المقاربة " العملية االجتماعية " مقاربة على وضع إســتراتيجيات اتصال هادفة من شــأنها إحداث تغيير في التفكير والتصرف معًا. كما تتطلب العملية االجتماعية فسح المجال أمام األفراد والجماعات، التي تساعد على قبول التغيير اإليجابي وتعزيزه للقيام بأدوار إيجابية في تلك العملية، باإلضافة إلى تطوير األفكار والرؤى المحلية لتغدو خططًا عملية للتنمية االجتماعية. شــبكات التواصل االجتماعي، البنية األخالقية والقانونية، العملية كلمات مفتاحية: االجتماعية، إستراتيجيات اتصال هادفة، التنمية االجتماعية. Abstract: The rapid and entropic development in the field of Arab social media has resulted in an addiction to a new type of social reality that is not ethically أ.د. نبيــل دجانــي، أســتاذ محاضــر فــي الدراســات اإلعالميــة بقســم علــم االجتمــاع واألنثروبولوجيــا والدراســات * اإلعالميـة فـي الجامعـة األميركيـة فـي بيـروت. Dr. Nabil Dajani, Emeritus Professor of Media Studies at the Department of Sociology, Anthropology and Media studies at the American University of Beirut.
or legally useful. This was reinforced with the negative effects of the use of social media through the spread of misinformation, fake news, ethnic and religious prejudices and cyberbullying, as well as the exacerbation of political and ideological polarisation in the Arab world. In a lecture during a conference organised by Al Jazeera Centre for Studies and the Department of Mass Communication at Qatar University on 1 and 2 March 2023 under the title, "Social Media Networks and Ideological Polarisation: Power Relations and Socio-Cultural Impact", Dr. Dajani weighs up ways other than those in which social media is currently used, so that the Arab world - at the level of states and individuals - can preserve the various humanising advantages, and increase the possibilities of the weak, the poor, and even the ignorant, to participate effectively in decisions that affect their lives, whether at the level of society or individual. Moreover, addressing the mounting problems of social media, Dajani argues, requires a social process approach and not mere regulatory measures. It also requires meaningful communication strategies that will bring about a change in thinking and acting. It also requires the introduction of positive roles for individuals and groups that help accept and promote positive change, as well as the development of local ideas and visions into practical plans for social development. Keywords : Social Media, Ethical and Legal Structure, Social Process, Meaningful Communication Strategies, Social Development.
33 |
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، جميعنا لدينا حسابات شخصية على وسائل التواصل االجتماعي، ونحن محاطون بمليارات األشخاص، لكننا، وبطريقة ما، نجد أنفسنا وحيدين تمامًا... لم يعد ثمة وجود لشيء، على الشبكة العنكبوتية، مثل الحانة أو المقهى المحلي عبر اإلنترنت: مكان للتالقي بين األصدقاء وأفراد .) 1 العائلة، حيث االستمتاع بالتواصل المباشر بين األشخاص( ) Kate Lindsay كيت ليندسي (
مقدمة )، في مقال Ian Bogost ، أيان بوغوســت ( " ذا أتالنتيــك " يــرى المحــرِّر في مجلة ، أن " عصر شبكات التواصل االجتماعي ينتهي. لم يكن يجب أن يبدأ أبدًا " استفزازي شبكات التواصل االجتماعي لم تكن، على اإلطالق، طريقة طبيعية للعمل واللعب " والتواصــل االجتماعي، لكنها، وعلى الرغم مــن ذلك، باتت طبيعة ثانوية... [وقد] أنتجت نوعًا من االستســ م االجتماعي المَرَضِي، والعبثي، وغير السَّوِي، للمجتمع البشري؛ حيث تنشر المعلومات المُسْتَقْطِبَة، أو المسيئة، أو مجرد معلومات احتيالية بعد إدخال تحســينات عليها... إن فكرة الشــبكات االجتماعية الكاملة هي االتصال -وليس النشــر- وكذلك تعميق العالقات، في الغالب مع أشــخاص تجمعهم سابق معرفة. مع ذلك، انخفض االتصال كغرض أساســي، وتطورت الشبكات االجتماعية إلى وســائل التواصل االجتماعي التي قدَّمت منصات يمكن للناس من خاللها نشــر المحتوى على أوســع نطاق ممكن، بما يتجاوز شبكات اتصاالتهم المباشرة... ومع حلــول الوقت الذي أدركت فيــه المنصات ذلك وثار الجمهور ضدها كان قد فات .) 2 ( " األوان إليقاف حلقات التعليقات هذه لكســب روح الحياة االجتماعية، يجب أن نتعلم تكميمها مرة " ويؤكد بوغوســت أنه أخــرى، في جميع أنحاء العالم، بين مليارات األشــخاص. للتحدث أقل، إلى عدد أقل من الناس وأقل في كثير من األحيان... ال يمكننا أن نجعل شــبكات التواصل االجتماعي جيدة، ألنها سيئة في األساس، عميقة في هيكلها. كل ما يمكننا فعله هو
| 34
. " األمل في أن تتالشى، وأن نقوم بدورنا الصغير في المساعدة على التخلي عنها مــن جانبها، وفي معرض إثارتها النقاش حول الدور الذي تلعبه شــبكات التواصل ) في فصل من كتابها Diana Owen االجتماعي في السياســة، الحظت ديانا أوين ( ، أن نظام شبكات التواصل االجتماعي " إعادة التفكير في العالم الذي عرفناه " المعنون بـ السياسي الجديد تطور بشكل عشوائي من دون أن تكون له مبادئ أو أهداف تَحكُم شهدت " توجيهه. ومن ثم، تُحَاجِج أوين، بأننا نعيش في مرحلة ما بعد الحقبة التي ازدهار األخبار " فيها الحتمية الديمقراطية للصحافة الحرة انحدارًا جديدًا نحو القاع، و .) 3 ( " المزيفة المرتبطة بالقصص الوهمية التي تبدو كما لو أنها حقيقية في السياق ذاته، يزعم أستاذ النظريات االجتماعية في كلية سوارثمور، باري شوارتز مفارقة االختيار: لماذا " بعنــوان 2004 )، فــي كتابــه الصادر عام Barry Schwartz ( ، أن كثرة الخيارات المتاحــة تؤدي إلى إمكانيات اختيار أقل، " يكــون الكثير قلي ًلً؟ ) Kate Lindsay فض ًل عما تُحدثه من ارتباك لدى األشــخاص. أما كيت ليندســي ( أقل أهمية من أي وقت " فتعتقد أن منصات التواصل االجتماعي في الوقت الحاضر . وتمضي في شرح كيف أن التساهل في استخدام شبكات التواصل االجتماعي " مضى إن جمع أكثر من ربع سكان " يُصعِّب رحلة العثور على األصدقاء، وتُبرِّر ذلك بقولها: العالم في مكان واحد يُسبِّب نفس المشكلة التي تنشأ عند دعوة عدد كبير جدًّا من ال يــزال النقاش الدائر حول دور شــبكات التواصل االجتماعي في مهده. لكن، ال يمكن ألحد ادِّعاء حيازته إجابات محددة حول حجم هذا الدور، أو أن يُقدِّر مدى تأثيره وفعاليته. إن مفاعيل شبكات التواصل االجتماعي ال تُمثِّل سوى أحد الجوانب السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية العديدة التي تؤثر على الحركات الشعبية الجماهيرية. وأدى ترابط وسائل اإلعالم الجماهيري مع تكنولوجيات وسائل اإلعالم اإللكترونية الحديثــة إلــى ثورة تكنولوجية أبرزت إمكانيات هائلة في ميدان االتصاالت، بما في ذلك تطوير نظام الشــبكة العنكبوتية العالمية. لقد غيَّرت هذه الشــبكة نظام التفاعل .) 4 ( " األشخاص العشوائيين إلى حفلة . فورة منصات التواصل االجتماعي 1
35 |
البشري، وفتحت مجاالت اتصال جديدة لم يكن المرء يحلم بها. لقد أطلق نظام الشــبكة العنكبوتيــة العالمية (اإلنترنت) ثورة نوعية غيَّرت إمكانيات االتصــال الجماهيري، وأدت إلى تطويــر منصات التواصل االجتماعي الحديثة التي غيَّرت نمط االتصال اإلعالمي، ولم تعد مقتصرة على الرســائل المرســلة في اتجاه واحد من القنوات المملوكة للدول أو من المالكين اآلخرين (سواء أكانوا أفرادًا أم مؤسسات) الذين يتوفرون على الوسائل المادية والتقنية. وال مــراء فــي أن اإلنترنــت أتاحت وابتكــرت فرصًا جديدة للتفاعــل بين األفراد والجماعات. فقد شهدت فورة منصات التواصل االجتماعي في العالم تدشين طرق تفاعل جديدة تســمح لألفراد والجماعات بمشاركة المعلومات والتواصل فيما بينهم بشكل جديد كان في الماضي يُتصوَّر أنه بعيد المنال. نظريًّا، تسمح شبكات التواصل االجتماعي للجميع بالتفاعل معها أو مع جمهورها من خالل المشاركة والتعبير، لكن فــي الحقيقــة ثمة عقبات كثيرة أمام مثل هذا التفاعل، فض ًل عن التحذير منه. فعلى الرغم من أن منصات التواصل االجتماعي فتحت آفاقًا جديدة لمشــاركة المعلومات والتواصل بين األفراد، إال أن هناك أيضًا أدلة تشير إلى إمكانية وجود آثار ضارة قد تنجم عن استخدام شبكات التواصل االجتماعي. لقد بات حضور شــبكات التواصل االجتماعي في حياة الناس اليومية واقعًا ال مفر منه؛ إذ يمكن لألفراد والمجموعات، من خالل شبكات التواصل االجتماعي، العثور علــى اآلخرين الذين يمكنهم االرتبــاط بآرائهم وخبراتهم والتفاعل معهم. من جهة أخرى، بإمكان المحتوى، الذي تتم مشاركته على شبكات التواصل االجتماعي، أن يؤدي إلى زيادة نسبة وصول الجمهور وأهمية الرسالة. فنحن على اتصال مستمر من خالل منصات مثل فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام، وسناب شات، وغيرها. وقد أثبتت هذه المنصات اإلعالمية الجديدة نفسها قنوات قوية للخطاب العام وجزءًا ال يتجزأ من المجال العام، وهو ما سمح بتبادل شامل لألفكار. فــي المقابل، ومع اإلقرار بوجود العديد من الفوائد الســتخدام شــبكات التواصل االجتماعــي، يجــب علينا أيضًا معالجة العواقب المحتملة لإلفراط في اســتخدامها وإساءة استعمالها؛ إذ باإلمكان إساءة استخدام منصات التواصل االجتماعي للتالعب باآلراء عبر نشر معلومات خاطئة وانتقاء مصادر األخبار/الرسائل. وفي هذا السياق،
Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131 Page 132 Page 133 Page 134 Page 135 Page 136 Page 137 Page 138 Page 139 Page 140 Page 141 Page 142 Page 143 Page 144 Page 145 Page 146 Page 147 Page 148 Page 149 Page 150 Page 151 Page 152 Page 153 Page 154 Page 155 Page 156 Page 157 Page 158 Page 159 Page 160 Page 161 Page 162 Page 163 Page 164 Page 165 Page 166 Page 167 Page 168 Page 169 Page 170 Page 171 Page 172 Page 173 Page 174 Page 175 Page 176 Page 177 Page 178 Page 179 Page 180 Page 181 Page 182 Page 183 Page 184 Page 185 Page 186 Page 187 Page 188 Page 189 Page 190 Page 191 Page 192 Page 193 Page 194 Page 195 Page 196 Page 197 Page 198 Page 199 Page 200Made with FlippingBook Online newsletter