العدد 2 – يوليو- تموز 2023

| 8

وشركات التكنولوجيا العالمية، على العالقات الدولية والشأن الداخلي للدول، سواء في الشــرق أو الغرب. لذلك فإن بنية وأنظمة اشــتغال شبكات التواصل االجتماعي ليست محكومة بمنظور وسائط نقل المحتوى وتوزيعه فقط، وليست حام ًل إلكترونيًّا/ -كما تصفها بعض الدراســات- تُنتِج " كيانات قوة " تكنولوجيًّــا محايــدًا، وإنما هي مضمونًا ثقافيًّا خاصًّا مثلما تنشــر ثقافة المســتهلكين والمنتجين، وتعمل على مراقبة عبر أنظمتها الخوارزمية. لكن " التملك االجتماعي للخطاب " عملية اإلنتاج الثقافي و تأثير الشبكات االجتماعية، وإنما " حتمية " في الوقت نفسه، فإن هذا التملك ال يعني تتشابك فيه عوامل مختلفة ومتعددة، كما يوضح البروفيسور، مانويل كاستلز، وغيره من األكاديميين والباحثين المشاركين في هذا الملف. وقد انعكس ذلك على انتشار مســاحات واسعة من التعصب والتطرف والعنف، وكذلك التطهير العرقي في بعض المناطق، فض ًل عن األدلجة بأشــكالها المختلفة، وتدني مســتوى التســامح والتنوع الفكري والثقافي. وكانت لهذه المظاهر وغيرها تأثيرات سلبية على حالة الديمقراطية واالســتقرار السياسي والتماسك االجتماعي ورأس المال االجتماعي والعقالنية في اتخاذ القرار، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي أو الدولي. وتبيِّــن حالــة االنغمــار الرقمي، التي أصبــح فيها وجود األفراد فــي المجال العام الرقمي أكثر أهمية من الفضاءات التقليدية، أن شبكات التواصل االجتماعي ستزداد قوة ونفوذًا في الفترة المقبلة. وســتدفع المجتمع البحثي والعلمي وجميع الفاعلين للتفكير في إشــكاليات وقضايا معقَّدة ترتبط بجهات مختلفة تبدأ بالشــبكات نفسها وأنظمتهــا الخوارزمية والذكاء االصطناعي وآليــات الضبط والتَّحكُّم في المحتوى، مرورًا بالمســتخدمين األفراد والجماعات والمنظمات والدول وســياقات التوظيف األيديولوجــي لهذه الشــبكات وعوامله وأســبابه ونتائجه، ثم عالقــة هذا التوظيف باالســتقطاب األيديولوجي والهيمنة الثقافية واالقتصادية. وسيتعمق البحث في دور شــركات االستشارات السياســية والوكاالت اإلعالنية في استغالل البيانات الضخمة التــي توفرهــا هذه الشــبكات للتأثير في الرأي العام المحلــي والدولي عبر الدعاية السياســية والتالعب الخطابي والتضليل المعلوماتي، ومحاولة هندســة المستخدمين لتكييف اختياراتهم مع أجندات الجهات الـمُمَوِّلَة ودور الذكاء االصطناعي في ذلك. ، ودوره المتعاظم في " الكيان القــوي " / " الفضاء اإلســتراتيجي " ونظــرًا ألهميــة هذا

Made with FlippingBook Online newsletter