| 126
الفكري المتداول في هذه الشبكات بكل المرجعيات األيديولوجية والثقافية السائدة فــي مختلف أنحاء العالم. وبذلك يتم بناء اآلراء السياســية والتوجهات الفكرية في أوساط عامة الناس، وتحويلها إلى معتقدات جماهيرية عبر تعبئة المجتمع أيديولوجيًّا وعلى نحو متواصل بغية الوصول إلى دائرة السلطة أو إحكام القبضة عليها. تأسيسًا على ما تقدم تتناول الدراسة شبكات التواصل االجتماعي وتأثيراتها في تنامي الخطاب الشعبوي وأيديولوجياته، من خالل دراسة حالة المجتمع السوداني.
. اعتباارت منهجية 1 موضوع ومشكلة الدارسة
تُعد الشــعبوية ظاهرة سياســية حديثــة ومعاصرة، وهي غاية فــي التنوع، فالفاعلون الشــعبويون منهم اليســاري واليميني، ومنهم المتدين والعلمانــي، ومنهم المحافظ والتقدمي. وقد حظيت بأهمية بالغة في أرجاء العالم كافة، من أميركا الشــمالية إلى أميركا الالتينية إلى أوروبا، كما يوجد فاعلون شــعبويون في آســيا والشرق األوسط وإفريقيا، وهي ال تظهر إال مقرونة بخطاب أيديولوجي، يُعبِّر عن االهتمام بالشــعب ومصالحه وتطلعاته من جهة، وينتقد المؤسسات الرسمية والنخبة السياسية من جهة أخرى. وتكمن مشكلة الشعبوية في خطابها الذي يعمل على توجيه الغضب ضد المؤسسات وليس السياسات، فض ًل عن بث الكراهية وشَيْطَنَة اآلخر، فهو يركز على فكرة العدو، والبحث الدائم عن أعداء جدد. ويقوم على مبدأ العنصرية، وذلك من خالل اعتماد صيغة الشعب األصيل والحقيقي، واألمة األصيلة والحقيقية، في مقابل ما تَعُدُّه زائفًا وكاذبًا ودخي ًلً. ويعمل الخطاب الشعبوي على مخاطبة عواطف الناس ومشاعرهم وليس مخاطبة العقول، بل يجتهد في تحريك مشــاعر التهميش والحرمان وتوظيف مشاعر الغضب واالندفاعات الفردية لتحقيق الهدف السياسي. فكيف وظَّف الشــعبويون شــبكات التواصل االجتماعي فــي إيصال أفكارهم؟ وما الجمهور المستهدف بهذا الخطاب؟ وما تأثير هذا التوظيف في تنامي هذا النوع من الخطاب ونشر أيديولوجياته؟ وما نوع هذه التأثيرات؟ وما طبيعة التأثيرات المحتملة لتنامي الخطاب الشــعبوي وتمدُّده عبر شــبكات التواصل االجتماعي في المجتمع السوداني؟ وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر درجة الهشاشة أو التماسك البنيوي داخل
Made with FlippingBook Online newsletter