العدد 2 – يوليو- تموز 2023

131 |

الطــرح التــي يقدمها القائم باالتصال في هذه الحوارات، أو معايير ما يُنشــر وما ال يُنشــر، فض ًل عن استخدام وسائل اإليضاح واإلبراز لجذب وإقناع الجمهور بالطرح المقدم. رابعًــا: أيديولوجيا الصورة، وتُعد الصورة رســالة ذات مضمون أيديولوجي، ويكون إما ســطحيًّا لالســتهالك، أو مضمونًا عميقًا له شفرة وألغاز يجب حلها، أو مضمونًا يمكن أن يستقر في العقل الباطن للمتلقي دون أن يشعر بذلك. فعملية اختيار الصورة تهدف إلى إرسال رسالة بعينها أو بث معنى محدد، وقد تكون الرسالة محاولة لتشويه الحقيقة أو مواراتها؛ إذ إن زاوية اللقطة وحدودها، وعمليات المونتاج التي تتعرض لها، والســياق الذي تُبَث فيه والتعليــق الصوتي أو المكتوب الذي يصاحبها ووقت البث ومناسبته، كلها عوامل تسهم في إحداث أثر مخطط له ومقصود بذاته في ذهن المتلقــي الذي يقــوم بقراءتها. لذلك فإن للصورة قدرة عميقة في التحول إلى فكرة (أيديولوجيا)، ومن ثم تتحول الفكرة إلى هدف، والهدف إلى مشروع، والمشروع إلى رأي عام، ومن ثم إلى سلوك بشري عن طريق الفضاء ووسائل اإلعالم. خامسًا: أيديولوجيا اإلعالن، فالرسالة اإلعالنية التجارية وما تحمله من معان وأفكار مقصودة يُراد إيصالها إلى المســتهلك وإقناعه بها تمثِّل رســالة أيديولوجية؛ ذلك أن االتجــاه الحديث في صناعة اإلعالن ال يهدف إلى تعليم الجمهور كيفية اســتهالك المنتج، بل يهدف إلى تعليمه المعنى الذي يحمله المنتج. فاإلعالنات تترجم الجمل والعبارات الواردة في اإلعالن من العالم المحسوس إلى المعنوي، من عالم األشياء المتمثلة في المنتج الموجه للمستهلك إلى عالم المعاني التي تحمل أيديولوجيا تهم المســتهلك في حياته اليومية. فالحديث عن اإلعالن هو حديث عن برامج مدروسة بعناية لقولبة المجتمعات في نمط معين ترسمه وكاالت اإلعالن بإيعاز من الشركات والمؤسســات العالمية الكبرى. لذلك فاإلعالن مهما كان نوعه ونشــاطه، سياسيًّا أو ثقافيًّــا أو تجاريًّــا، فهو يختزل أيديولوجيا معينة، وقد يتعمَّد المعلن نشــرها وقد ال يتعمَّد، حتى وإن كان ظاهره يقول عكس ذلك. وتعمــل األنــواع الخمســة أليديولوجيا اإلعالم علــى تعزيز أو نقــض أيديولوجيا المجتمــع، ولمعرفة ما إذا كانت هذه األنواع مُعزِّزة أو ناقضة أليديولوجيا المجتمع الذي تعمل فيه، يجب أن نفهم أساس التحليل األيديولوجي للرسالة اإلعالمية، وهو

Made with FlippingBook Online newsletter