العدد 2 – يوليو- تموز 2023

| 136

وتتجســد المرحلة الثالثة للشــعبوية في الصعود الحديث للحركات الشــعبوية في الواليات المتحدة وأوروبا. وقد بدأت هذه المرحلة مع انهيار المعسكر االشتراكي، وســقوط جدار برلين وإلى يومنا هذا، وارتبطت بحــركات اليمين المتطرف وعودة النزاعات القومية. وفــي العالم العربي عرفت بعض البلدان العربية منذ االســتقالل خطابات شــعبوية مختلفــة عبَّــرت مبكرًا عن هذه النزعة. وكانت النخــب الحاكمة الصاعدة حريصة وهي تستند إلى أيديولوجيات ومشارب مختلفة (وطنية، " الشعبية " على إثبات أصولها يســارية، عروبية، تحررية) في سياقات سياسية شديدة التباين، وتدعي احتكار تمثيل الشعب. ومع اندالع الثورات العربية نهاية العقد األول من القرن الحادي والعشرين برزت موجة جديدة من الشعبوية، استطاع خطابها أن يعبئ فئات واسعة من المناصرين والمتعاطفين وأن يؤثر على مجريات األحداث. وانطالقًــا من هذه المراحل التاريخية للشــعبوية يمكن اســتخالص ثالثة أنواع من ): أولهــا: الشــعبوية الزراعية أو الفالحية، التــي تقوم على نوع من 16 الشــعبويات( التصوير المثالي للشــعب، ومناهضة الرأســمالية، وتمثِّل نظامًا سياســيًّا وأيديولوجيًّا يتناسب مع السياسات أو األيديولوجيات الكبرى، مثل (االشتراكية، والقومية/الوطنية، والليبرالية). ويندرج في هذا النوع الشعبويات التي انتشرت في أميركا الجنوبية، وفي كثير من بلدان العالم الثالث بما في ذلك البلدان العربية. وثانيها: الشعبويات الوطنية التي انتشرت بين الحربين العالميتين، والناتجة عن وطأة الهزيمة التي أعقبت الحرب ، وتمثِّل 1928 العالمية األولى، واألزمة االقتصادية العالمية الحادة التي شهدها العام هذ المرحلة الحركتان، النازية والفاشــية. أما النوع الثالث فهو يمثِّل الشــكل الجديد للشــعبوية المنتشــر حاليًّا في أوروبا، ويتميز بالعنصرية وبتوجهه المناهض للنخب، والعولمة، والمهاجرين. وعلى الرغم من تعدد تعريفات الشــعبوية، فإن السمة المشتركة التي تميز الحركات ، وتمجيد الشعب. ومن الناحية العملية، " النخبة الفاسدة " الشعبوية تتجسد في معاداة فإن الشــعبوية تركز على فكرة العدو، والبحــث الدائم عن أعداء جدد، ولها طريقة خاصة في الحكم تتمثَّل في اتباع ثالث خطوات إستراتيجية، أولها: االستحواذ الكامل

Made with FlippingBook Online newsletter