177 |
مقدمة تُسْــتخدَم شــبكات التواصــل االجتماعي ميدانًــا للمبارزة بيــن المجموعات ذات األكثر " تيك توك " أصبحت منصة 2020 االنتمــاءات العقائدية المختلفة. ومنذ العام تداوًل لهذه المبارزات من خالل نشر مقاطع الفيديو. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه االشــتباكات بين األقليتين، المسلمة والهندوسية، في بعض المدن البريطانية (ليستر، )- على أصداء تنامي 2023 برمنغهــام) -حتــى تاريخ كتابة هذا البحث (في أوائــل خطاب الكراهية ضد المسلمين في الهند، تعكس المنصة أوجه التوتر من الجانبين، اإلســ مي والهندوسي، في إطار حالة من االســتقطاب تؤدي إلى مزيد من التعقيد لألزمة ذات األبعاد السياسية والثقافية والتاريخية. وفي سياق هذه الحالة االستقطابية، يتناول البحث قضية الصراع اإلسالمي-الهندوسي كأحد التجليات الممثلة لحقبة ما بعد االستعمار، والتالقي اإلستراتيجي ألهدافها مع أهداف أحزاب اليمين المتطرف الذي تتصاعد شــعبيته بوتيرة منتظمة وغير مســبوقة حول العالم منذ الحرب العالمية الثانية. ويسود لدى باحثي االتصال اعتقاد بأن آليات عمل شــبكات التواصل االجتماعي وما فرضته من طبيعة تواصلية غير متكافئة بين مختلــف األطراف -وما آلت إليه من مركزية ومراقبة وهيمنة بخالف ما كان مرجوًّا منها- تُســهِم في تكريس مناخ استقطابي يُعقِّد فرص التفاهم والحوار بين الثقافات، في مقابل ما تفسحه من مجال رحب لنشر التعصب وخطاب الكراهية والديماغوجية والتراشق الفكري والالعقالنية. وهنا، يحاول البحث استكشــاف المنطلقات المؤسســة لســرديات صنَّاع المحتوى من الناشــطين المسلمين والهندوس، وتحديد إلى أي مدى تبتعد عن فكرة التعايش والحــوار والتفاهــم مع اآلخر أو تميل إلى فكرة اإلقصاء والتهميش له. ويســتقصي البحث أيضًا اآلليات التي استخدمها صنَّاع المحتوى إلبراز سردياتهم المستندة إلى منطلقات فكرية مختلفة، والنظر في احتمال تأثُّر هذه السرديات باألجواء المشحونة بيــن الجانبين، وما إذا كانت هناك عالقات دالة بين ســمات المنصة التفاعلية ونوع الخطاب الذي يتم ترويجه من خاللها.
Made with FlippingBook Online newsletter