| 208
عــن المجــال العمومي تحليل بنيته في ظل التطور االجتماعي والثقافي والسياســي الذي شهدته البلدان العربية. واكتفت بما تملك هذه الميديا من خصائص، مثل توفر العُدَّة التقنية، وسهولة استخدامها، وانفتاحها على الفئات االجتماعية المهمشة، والتي ألســباب اقتصادية واجتماعية أو عرقية أو " المهيمن " أُقصيت من المجال العمومي لغوية أو دينية، ومقدرتها على توفير هامش من الحرية في تداول المعلومات وإبداء الرأي ومناقشته. لقد ســلَّم الكثير من الدراســات بوجود مجال عمومي برجوازي في المنطقة العربية على غرار المجال المعياري الكوني الموروث عن فلســفة األنوار، والذي تبلور في )، أو أقرَّت بتشكيل مجال 5 سياق تاريخي مخصوص ببعض المجتمعات األوروبية( ). ولم تلتفت إلى البحوث النقدية التي وصفت 6 عمومــي جديد وفق التصــور ذاته( المجال العمومي البرجوازي بالمثالي، وال إلى تلك التي نفت وجوده سواء في القرن ). وهذا ال ينفي وجود بعض الدراســات 7 وفق تصور هابرماس له( 20 أو القرن 18 القليلة التي جادلت فكرة وجود هذا التصور، ورأت صعوبة تطبيقه في ســياق تطور المجتمعات العربية، كما سنرى الحقًا. إن التفكير في العالقة القائمة أو المحتملة بين الميديا االجتماعية والمجال العمومي فــي المنطقــة العربية، يبدو في غاية الصعوبة إن لم نأخــذ بعين االعتبار المتغيرات الثالثــة: المتغيــر األول، ويتمثَّل في تنوع خصوصية األنظمة السياســية في المنطقة العربية فيما بينها من جهة، وعن أنظمة البلدان الغربية من جهة أخرى. المتغير الثاني، ويتجلــى في طبيعة منظوماتها اإلعالمية وتقاليدها االتصالية التي تختلف فيما بينها، ). المتغير 8 وتتباين عبرها الغايات من اســتخدام بعض مواقع الشــبكات االجتماعية( الثالث، ويكمن في ديناميكية تفاعل هذه الميديا في البيئة اإلعالمية المعاصرة. هل تشكِّل الميديا االجتماعية مجا ًل عموميًّا سواء عبر بعث مجال عمومي جديد على أنقاض التقليدي أو بتغيير بنيته، أو تشكيل مجال بديل؟ يبدو هذا السؤال غير مناسب أو ذا عائد علمي محدود، خاصة أن الواقع العملي الذي يغطيه مفهوم المواءمة أصبح يــدل على التغييــر التكنولوجي والثقافي واالجتماعي. ويعني تدفُّق المحتويات ذاتها على العديد من المنصات اإلعالمية، وترحال الجمهور/المستخدمين من منصة إلى .) 9 أخرى بحثًا عما يرغب فيه من أخبار، ومعلومات، وترفيه(
Made with FlippingBook Online newsletter