| 222
. يمكن القول: إن الميديا االجتماعية في المنطقة العربية هي منصات لممارسة حرية 2 التعبيــر والتفكير لكنها أيضًا أداة فعالــة للرقابة والقمع وتمييع النقاش. فعالوة على قطع االتصال بشبكة اإلنترنت في بعض الظروف أو تخفيض سرعة تدفقها وسعتها، وتعليق استخدام مواقع الشبكات االجتماعية، مثلما جرى في بداية ما أصبح يُعرف بأحداث الربيع العربي، تلجأ السلطات التنفيذية إلى قرصنة صفحات بعض النشطاء السياســيين، وإنشاء حســابات وهمية للتهجم عليهم، وتخريب النقاش بواسطة تقنية ، خاصة عندما تتســع موجات االحتجاج عبر الويب فيتم اختراقها بســهولة " التصيد " نظرًا لمرونة هيكلها، وانعدام قيادة موحدة توجهها. وخالفًا للبلدان المتطورة الخاضعة للديمقراطية التمثيلية، تعتبر الدولة في الكثير من البلدان العربية قوة غير محايدة في التدافع بين القوى السياسية للتناوب على السلطة. وحتى نفهم هذه الممارسات البد من االســتعانة بمفهوم الشــعبوية التي تؤمن بأن المجتمع أو الشعب هو كتلة واحدة متجانسة، ومن المفروض أال يوجد أي خالف أو نزاع بين أفراده، وإن وجد فتُخَوِّن أصحابه. وهكذا سقط مصطلح الغريم من التداول في القاموس السياسي وتحوَّل إلى عدو، وخائن، وعميل يجب تصفيته. لــذا، فإن افتراض وجــود تعددية الفضاءات العمومية فــي المنطقة العربية ال يعني ، مثلما ذهبت إليه فرايزر؛ فغياب الغريم " جمهور متعدد ومتنافس " بالضــرورة وجود يعني إلغاء المنافســة، وهذا مؤشــر قوي على انعدام الديمقراطية التي تعرِّفها ناديا ) بأنها نظام يســمح بالمنافســة السياســية والتنافس في Nadia Urbinati إربناتــي ( .) 84 اآلراء( لم تنج فكرة منافسة األفكار في المجال العمومي من النقد، ألنها استندت إلى االعتقاد الرأي لمن " بوجود مســاواة بين المتداولين في المجال العمومي الذي تديره قاعدة: )، وتجاهلت وزن مختلف الجماعات في النقاش. إن شــعبية 85 ( " يملك قوة الحجة األخبار والمعلومات واآلراء المتداولة في الفضاء االفتراضي ال تستند إلى قوة الحجة، بل ترتبط بالعالقات الذاتية، والوالء، واالنتماء، وبمنطق خوارزمي يخضع إلى اقتصاد ). لذا يعتقد بعض الباحثين النقديين أن الميديا االجتماعية ستســقط فيما 86 االنتباه( سقطت فيه وسائل االتصال الجماهيري التي أفسدت المجال العمومي، ما لم تتحرَّر .) 87 من ســيطرة الدولة والمؤسسة االقتصادية، وتنصاع لمتطلبات الخدمة العمومية(
Made with FlippingBook Online newsletter